جُمُوعَ الْقِلَّةِ لِلْعُمُومِ وَإِنْ كَانَتْ مُنَكَّرَةً، وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ الصَّالِحِ لَهُ، لَكِنْ فَرَّقَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ الْمُنَكَّرِ: يُحْمَلُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ، وَهُوَ أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَجَمْعُ الْكَثْرَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً.
وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُمْ حَكَوْا عَنْ الْجُبَّائِيُّ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ.
وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ بَيْنَ النَّحْوِيِّينَ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ، لِأَنَّ النَّكِرَةَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ مَحَالَّ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ، لِأَنَّهَا عَامَّةٌ عَلَى الْبَدَلِ، فَحَسُنَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ أَجْلِ عُمُومِ الْمَحَالِّ، وَعَلَى هَذَا فَنَقُولُ: جَاءَنِي رِجَالٌ إلَّا زَيْدٌ، وَقِيلَ بِالْمَنْعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لِأَنَّ النَّكِرَةَ لَا تَتَنَاوَلُ أَكْثَرَ مِنْ فَرْدٍ بِلَفْظِهَا، فَيَكُونُ الْإِخْرَاجُ مِنْهَا مُحَالًا، وَلِهَذَا كَانَتْ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] لِلْوَصْفِ لَا الِاسْتِثْنَاءِ، وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: ٢ - ٣] ، فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ أَلْ الْجِنْسِيَّةَ فِي الْمَعْنَى كَالنَّكِرَةِ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ عَامٌّ يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِاعْتِبَارِ صَلَاحِيَّتِهِ لِأَفْرَادِ الْجُمُوعِ لَا اسْتِغْرَاقِ الْأَفْرَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute