إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْعَكْسَ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الْعِلَّةِ؟ وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ.
وَالثَّانِيَةُ: امْتِنَاعُ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ بِعِلَّتَيْنِ، لِأَنَّ النَّوْعَ بَاقٍ فِيهِ. فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ - وَهُوَ الْمُخْتَارُ - لَمْ يَقْدَحْ، فَإِنَّ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ يَخْلُفُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إذَا قُلْنَا: إنَّ اجْتِمَاعَ الْعِلَلِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ غَيْرُ وَاقِعٍ " أَيْ كَمَا هُوَ اخْتِيَارُهُ " فَالْعَكْسُ لَازِمٌ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْحُكْمُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ بِتَوْقِيفٍ. لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَدِلَّ بَيَانُهُ. بِخِلَافِ مَا أَلْزَمْنَاهُ مِثْلَهُ فِي النَّقْضِ، لِأَنَّ ذَاكَ دَاعٍ إلَى الِانْتِشَارِ. وَسَبَبُهُ أَنَّ إشْعَارَ النَّفْيِ بِالنَّفْيِ مُنْحَطٌّ عَنْ إشْعَارِ الثُّبُوتِ بِالثُّبُوتِ، وَلِهَذَا لَوْ فَرَضْنَا عِلَلًا لَكَانَ إشْعَارُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِنَفْيِ الْحُكْمِ كَإِشْعَارِ جُزْءِ الْعِلَّةِ بِالْحُكْمِ، لَا كَإِشْعَارِ الْعِلَّةِ الْمُسْتَقِلَّةِ بِهِ، وَزَوَالُهَا لِزَوَالِ التَّرْجِيحِ. وَاَلَّذِي أَبْطَلَ الْعِلَّةَ إذَا امْتَنَعَ الطَّرْدُ بِتَوْقِيفٍ لَا يُبْطِلُهَا إذَا امْتَنَعَ الْعَكْسُ بِتَوْقِيفٍ، فَلْيَتَلَمَّحْ الطَّالِبُ تَفَاوُتَ الْمَرَاتِبِ، وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَا يَرِدُ سُؤَالُ الْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْمُنَاظِرَانِ عَلَى اتِّحَادِ الْعِلَّةِ.
[الرَّابِعُ مِنْ الِاعْتِرَاضَات عَدَمُ التَّأْثِيرِ]
الرَّابِعُ - عَدَمُ التَّأْثِيرِ
قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ مَا يَعْتَرِضُ بِهِ عَلَى الْعِلَّةِ، وَهُوَ عَدَمُ إفَادَةِ الْوَصْفِ أَثَرَهُ، بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُنَاسِبٍ، فَيَبْقَى الْحُكْمُ بِدُونِهِ. وَمِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute