للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تُخَالِفُ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَا يَقُولُونَ بِأَنَّ الْفِعْلَ الثَّانِي نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ، إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلٌ خَاصٌّ عَلَى تَكَرُّرِ هَذَا الْفِعْلِ الْخَاصِّ فِي حَقِّهِ، وَحَقِّ الْأُمَّةِ، فَحِينَئِذٍ إذَا تَرَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتَى بِمُنَاقِضٍ لَهُ، أَوْ أَقَرَّ أَحَدًا مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى عَمَلٍ يُنَاقِضُهُ، كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِنَسْخِ الثَّانِي، وَعَلَى قَوْلِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْمَازِرِيِّ لَا يُحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ لِذَلِكَ الْفِعْلِ، بَلْ يَكْتَفُونَ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى اقْتِدَاءِ الْأُمَّةِ بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُطْلَقًا أَوْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا أَوْ إبَاحَةً عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ. فَمَتَى وَقَعَ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَقِيضُ ذَلِكَ الْفِعْلِ شُرِعَ لِلْأُمَّةِ الثَّانِي أَيْضًا، كَمَا كَانَ الْأَوَّلُ مَشْرُوعًا لَهُمْ، لَكِنْ هَلْ يَقْتَضِي ذَلِكَ نَسْخَ الْأَوَّلِ وَإِزَالَةَ الْحُكْمِ، أَوْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ جَائِزًا؟ وَالثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ؟ هَذَا هُوَ مَحَلُّ نَظَرِ الْإِمَامِ وَالْمَازِرِيُّ يَمِيلُ إلَى النَّسْخِ.

أَمَّا إذَا نُقِلَ إلَيْنَا أَخْبَارٌ مُتَعَارِضَةٌ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا أَحَدُهَا كَيْفَ كَانَ، فَالْمُكَلَّفُ مُخَيَّرٌ فِي الْكُلِّ، كَسُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ أَوْ الْأُذُنَيْنِ، فَهُنَا يُرَجَّحُ مَا يَتَأَيَّدُ بِالْأَصْلِ، فَنُرَجِّحُ الْمَنْكِبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَقْلِيلُ الْأَفْعَالِ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا أَقَلُّ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا التَّرْجِيحُ حُكِمَ بِالتَّخْيِيرِ، كَأَخْبَارِ قَبْضِ الْأَصَابِعِ فِي التَّشَهُّدِ.

[التَّعَارُضُ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ]

[التَّعَارُضُ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ] وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ: وَيَتَحَصَّلُ مِنْ أَفْرَادِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>