سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَكَانَ كَاذِبًا، وَهَذَا مِنْهُ عَجِيبٌ كَمَا قَالَهُ الْهِنْدِيُّ، يُنَاقِضُهُ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ فِي صُورَةِ السُّكُوتِ مِنْ أَنَّ الْإِخْبَارَ لُغَةً لِإِفَادَةِ الْخَبَرِ وَالْعِلْمِ، وَهَذَا السُّكُوتُ قَدْ أَفَادَهُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنِي، وَأَخْبَرَنِي، وَإِذَا كَانَ مُجَرَّدُ السُّكُوتِ يُعْطِي ذَلِكَ، فَلَأَنْ يُعْطِيَهُ السُّكُوتُ مَعَ الْإِشَارَةِ بِالرِّضَى مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى، وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: بَيْنَ قَوْلِهِ: حَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي فَرْقٌ؛ لِأَنَّ أَخْبَرَنِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْكِتَابَةِ إلَيْهِ، وَحَدَّثَنِي لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ السَّمَاعِ.
[كِتَابَةُ الشَّيْخِ إلَى غَيْرِهِ]
[كِتَابَةُ الشَّيْخِ إلَى غَيْرِهِ] الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكْتُبَ الشَّيْخُ إلَى غَيْرِهِ: سَمِعْت مِنْ فُلَانٍ كَذَا، فَلِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إذَا عَلِمَ خَطَّهُ، أَوْ ظَنَّهُ، بِأَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ خَطُّهُ، أَوْ شَاهَدَهُ يَكْتُبُ. أَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَيَرْوِيَهُ عَنْهُ، إذَا اقْتَرَنَتْ الْكِتَابَةُ بِلَفْظِ الْإِجَازَةِ، بِأَنْ قَالَ: أَجَزْت لَك مَا كَتَبْته إلَيْك، فَإِنْ تَجَرَّدَتْ الْكِتَابَةُ فَأَجَازَ الرِّوَايَةَ بِهَا كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَبَالَغَ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ فَقَالَ: إنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْإِجَازَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّمَاعِ. قَالَ: لِأَنَّ الْكِتَابَ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَلِّغُ بِالْكِتَابِ الْغَائِبَ، وَبِالْخِطَابِ الْحَاضِرَ. قَالَ: وَلَوْ بَعَثَ إلَيْهِ رَسُولًا وَأَخْبَرَهُ بِالْحَدِيثِ، حَلَّتْ لَهُ الرِّوَايَةُ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ يَنْقُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute