للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: ٢٥] الْآيَةَ فَذَكَرَ الْجَلْدَ فِي إحْصَانِهِنَّ الَّذِي هُوَ أَعْلَى لِيُبَيِّنَ أَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الْجَلْدُ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْعَمْدِ لِيُنَبِّهَ عَلَى قَتْلِ الْآدَمِيِّ عَمْدًا فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ، وَالتَّنْصِيصَ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْخَطَأِ لِيُنَبِّهَ عَلَى خَطَأِ الْعَمْدِ. وَ (الثَّانِي) أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الْعَمْدَ لِأَنَّهُ رَتَّبَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي الْعَوْدِ فَقَالَ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: ٩٥] وَلَا يُمْكِنُ الْعُقُوبَةُ إلَّا فِي حَقِّ الْعَامِدِ.

[الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الِاعْتِرَاضَات الْمَنْعُ]

الْحَادِيَ عَشَرَ: الْمَنْعُ

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: الْمُمَانَعَةُ أَرْفَعُ سُؤَالٍ عَلَى الْعِلَلِ. وَقِيلَ: إنَّهَا أَسَاسُ الْمُنَاظَرَةِ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ الْعُوَارُ (انْتَهَى) . وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ: أَمَّا الْأَصْلُ فَمِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا - مَنْعُ كَوْنِ الْأَصْلِ مُعَلَّلًا: بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَنْقَسِمُ بِالِاتِّفَاقِ إلَى مَا يُعَلَّلُ وَإِلَى مَا لَا يُعَلَّلُ، فَمَنْ ادَّعَى تَعْلِيلَ شَيْءٍ كُلِّفَ بَيَانَهُ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا فَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَذْكُرْ تَحْرِيرًا، فَإِنَّ الْفَرْعَ فِي الْعِلَّةِ الْمُجَرَّدَةِ يَرْتَبِطُ بِالْأَصْلِ بِمَعْنَى الْأَصْلِ. قَالَ إلْكِيَا: هَذَا الِاعْتِرَاضُ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْمُعَلِّلَ إذَا أَتَى بِالْعِلَّةِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا السُّؤَالِ مَعْنًى، وَقَبْلَ الْعِلَّةِ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالدَّلِيلِ إلَّا أَنْ يَبْقَى (تَقْسِيمًا وَسَبْرًا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>