[الْأَحْكَامُ]
ُ فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠] وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِ الْحُكْمِ. فَنَقُولُ: هُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَالصَّرْفُ، وَمِنْهُ الْحَكَمَةُ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي فِي اللِّجَامِ، وَبِمَعْنَى الْإِحْكَامِ، وَمِنْهُ الْحَكِيمُ فِي صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ: خِطَابُ الشَّرْعِ الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِالِاقْتِضَاءِ أَوْ التَّخْيِيرِ. فَيَخْرُجُ الْمُتَعَلَّقُ بِذَاتِ الْمُكَلَّفِ، نَحْوُ {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦] وَالْمُرَادُ بِالْفِعْلِ جَمِيعُ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تُقَابَلُ الْأَفْعَالُ بِالْأَقْوَالِ فِي الْإِطْلَاقِ الْعُرْفِيِّ. وَقَوْلُنَا: " بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ " فِيهِ تَجَوُّزٌ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ التَّكْلِيفُ إلَّا بِمَعْدُومٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ، وَالْمَعْدُومُ لَيْسَ بِفِعْلٍ حَقِيقَةً. وَلَوْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ لَقِيلَ: الْمُتَعَلَّقُ بِمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا، وَأُشِيرَ بِالتَّعَلُّقِ إلَى أَنَّ حَاصِلَ الْحُكْمِ مُجَرَّدُ التَّعَلُّقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute