للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ رَاوٍ غَيْرَهُ اُكْتُفِيَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَاوٍ غَيْرَهُ فَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجْعَلُ ذَلِكَ كَالشَّهَادَةِ، وَيَقْبَلُهُ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مُتَعَلِّقًا بِالشَّهَادَةِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِضَ الْحُكْمُ، وَلَا يُسْمَعُ مَا لَمْ يَنْفُذْ الْحُكْمُ، وَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِيمَا حُكِمَ وَفِيمَا لَمْ يُحْكَمْ، يُعْلَمُ أَنَّ أَخْبَارَهُ كُلَّهَا مَرْدُودَةٌ.

قَالَ: وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ قَالَ: إذَا رُجِعَ عَنْ خَبَرٍ لَا أَحْكُمُ بِهِ، وَمَتَى حَكَمْت بِهِ لَمْ أَنْقُضْ. فَأَجْرَاهُ مَجْرَى الشَّهَادَةِ إذَا فَسَقَ. قَالَ: وَأَمَّا إذَا ارْتَدَّ أَوْ عَمِلَ بِمَا يُوجِبُ رِدَّتَهُ أَوْ فِسْقَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ قَبُولِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَخْبَارِهِ. اهـ. وَمَا حَكَاهُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ هُوَ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيُّ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ خَبَرَهُ فِيمَا رُدَّ، وَيَقْبَلُ فِي غَيْرِهِ اعْتِبَارًا بِالشَّهَادَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ النَّوَوِيِّ: الْمُخْتَارُ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ وَقَبُولِ رِوَايَاتِهِ بَعْدَهَا، لَيْسَ بِمُوَافِقٍ.

[اعْتِبَارُ الْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ]

[اعْتِبَارُ الْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ] الْخَامِسَةُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: الْعَدَالَةُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الشَّهَادَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَالسُّنَنِ، أَمَّا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَلَا، بَلْ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا سُكُونُ النَّفْسِ إلَى خَبَرِهِ، " فَإِذَا قَالَ: هَذِهِ هَدِيَّةُ فُلَانٍ جَازَ قَبُولُهَا، وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا، وَكَذَا الْإِذْنُ فِي دُخُولِ الدَّارِ. وَتَأْتِي مَسْأَلَةٌ فِي الصَّبِيِّ. ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ " الْحَاوِي " أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا عَدِمَ الْمَاءَ، فَأَرَادَ الطَّلَبَ قَبْلَ التَّيَمُّمِ، فَأَخْبَرَهُ فَاسِقٌ أَنَّهُ لَا مَاءَ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ، فَإِنَّهُ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِيهِ، بِخِلَافِهِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ بِوُجُودِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتَمِدُهُ، وَسَبَبُهُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>