فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِمْ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ: يُسَابَقُ عَلَيْهَا فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، كَالْإِبِلِ. فَيَقُولُ: مُسَلَّمٌ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ، وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ. وَدَلِيلُكُمْ إنَّمَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْجُمْلَةِ.
وَالثَّانِي: كَقَوْلِنَا فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ فِي الْمُثَقَّلِ: الْمُتَفَاوِتُ فِي الْوَسِيلَةِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، كَالتَّفَاوُتِ فِي الْمُتَوَسَّلِ إلَيْهِ وَهُوَ الْقَتْلُ، فَإِنَّهُ لَوْ ذَبَحَهُ أَوْ ضَرَبَ عُنُقَهُ أَوْ طَعَنَهُ لَمْ يَمْنَعْ الْقِصَاصَ. وَهَذَا فِيهِ إبْطَالُ مَذْهَبِ الْخَصْمِ، إذْ الْحَنَفِيُّ يَرَى أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْآلَةِ يَمْنَعُ الْقِصَاصَ فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: تَسْلِيمُ التَّفَاوُتِ فِي الْآلَةِ لَا يَمْنَعُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إبْطَالِ الْمَنْعِ لِلْقِصَاصِ ثُبُوتُهُ، بَلْ إنَّمَا يَلْزَمُ ثُبُوتُهُ مِنْ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَهُوَ السَّبَبُ الصَّالِحُ لِإِثْبَاتِهِ، وَالنِّزَاعِ فِيهِ. وَجَوَابُهُ بِأَنْ يُبَيِّنَ الْمُسْتَدِلُّ لُزُومَ الْحُكْمِ مَحَلَّ النِّزَاعِ بِوُجُودِ نَقِيضِهِ بِمَا ذُكِرَ فِي دَلِيلِهِ إنْ أَمْكَنَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ: يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ التَّفَاوُتِ فِي الْآلَةِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ وُجُودُ مُقْتَضَى الْقِصَاصِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ وُجُودَ الْمَانِعِ وَعَدَمَهُ قِيَامُ الْمُقْتَضِي، إذْ لَا يَكُونُ الْوَصْفُ تَابِعًا بِالْفِعْلِ إلَّا لِمُعَارَضَةِ الْمُقْتَضِي، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي وُجُودَهُ.
أَوْ يُبَيِّنُ الْمُسْتَدِلُّ أَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَعْرِضُ لَهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ اعْتِرَاضٍ مِنْ الْمُعْتَرِضِ بِدَلِيلٍ. مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا فَرَضْنَا الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ، لَا فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَيَسْتَدِلُّ عَلَى ذَلِكَ.
[السَّابِعُ مِنْ الِاعْتِرَاضَات الْفَرْقُ وَيُسَمَّى سُؤَالَ الْمُعَارَضَةِ]
السَّابِعُ: الْفَرْقُ وَيُسَمَّى (سُؤَالَ الْمُعَارَضَةِ) وَ (سُؤَالَ الْمُزَاحَمَةِ) ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَلْقَابٍ. وَهُوَ: إبْدَاءُ وَصْفٍ فِي الْأَصْلِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً لِلْحُكْمِ أَوْ جُزْءَ عِلَّةٍ، وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْفَرْعِ، سَوَاءٌ كَانَ مُنَاسِبًا أَوْ شَبَهًا إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ شَبِيهَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute