للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

مِنْ] مِنْ: لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَهِيَ مُنَاظِرَةٌ لِ " إلَى " فِي الِانْتِهَاءِ، وَالْغَايَةُ إمَّا مَكَانًا نَحْوُ {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: ١٠٨] وَعَلَامَتُهَا: أَنْ تَصْلُحَ أَنْ تُقَارِنَهَا " إلَى " لَفْظًا نَحْوُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ مَعْنًى نَحْوُ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَزَيْدٌ أَفْضَلُ مِنْ عَمْرٍو، وَاتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى كَوْنِهَا لِابْتِدَاءِ غَايَةِ الْمَكَانِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّمَانِ. فَقَالَ: سِيبَوَيْهِ: إنَّهَا لَا تَكُونُ لَهُ، فَقَالَ: وَأَمَّا " مِنْ " فَتَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فِي الْأَمَاكِنِ وَأَمَّا " مُنْذُ " فَتَكُونُ لِلِابْتِدَاءِ فِي الْأَزْمَانِ وَالْأَحْيَانِ، وَلَا تَدْخُلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَاخْتَارَهُ جُمْهُورُ الْبَصْرِيِّينَ.

وَكَلَامُ سِيبَوَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فِي الزَّمَانِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ مَا يُضْمَرُ فِيهِ الْفِعْلُ الْمُسْتَعْمَلُ إظْهَارُهُ بَعْدَ حَرْفٍ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ:

مِنْ لَدٌّ شَوْلًا فَإِلَى إتْلَائِهَا

نَصَبَ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ زَمَانًا، وَالشَّوْلُ لَا يَكُونُ زَمَانًا وَلَا مَكَانًا، فَيَجُوزُ فِيهَا الْجَرُّ نَحْوُ مِنْ لَدُنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ كَذَا، فَلَمَّا أَرَادَ الزَّمَانَ حُمِلَ الشَّوْلُ عَلَى مَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ زَمَانًا إذَا عَمِلَ فِي الشَّوْلِ، كَأَنَّك قُلْت:

<<  <  ج: ص:  >  >>