وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ سَمَاعَهُ، بَلْ وَجَدَهُ بِخَطِّهِ أَوْ بِخَطِّ شَيْخِهِ، أَوْ خَطِّ مَوْثُوقٍ بِهِ، فَهَلْ تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهِ؟ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمَنْعَ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ الْمُحَدِّثِينَ جَوَازُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَظْهَرْ قَرِينَةُ التَّغْيِيرِ، لَكِنَّ الضَّرُورَةَ دَعَتْ إلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ انْتِشَارِ الْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَةِ انْتِشَارًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْحِفْظُ لِكُلِّهِ عَادَةً، وَاللَّازِمُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى الظَّنِّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِمَّا أَنْ يَبْطُلَ حَمْلُهُ مِنْ السُّنَّةِ، أَوْ أَكْثَرِهَا، وَالثَّانِي: بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَفْسَدَةً مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الظَّنِّ، فَوَجَبَ دَفْعُهُ دَرْءًا لِأَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَتَحَرَّى بِزِيَادَةِ شَرْطٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ لَا يَخْرُجَ الْكِتَابُ عَنْ يَدِهِ بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَهُوَ احْتِيَاطٌ حَسَنٌ، وَكَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ إذَا كَتَبُوا أَحَادِيثَ الْإِجَازَةِ إلَى غَائِبٍ عَنْهُمْ يَخْتِمُونَهُ بِالْخَاتَمِ، إمَّا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ. اهـ.
[أَحْوَالُ الشَّيْخِ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ]
[أَحْوَالُ الشَّيْخِ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ] وَاعْلَمْ أَنَّ لِلشَّيْخِ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ. أَعْلَاهَا: أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي رِوَايَةِ مَا قُرِئَ عَلَيْهِ نُطْقًا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ لَهُ: هَلْ سَمِعْت؟ فَيُشِيرُ الشَّيْخُ بِأُصْبُعِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ، فَهِيَ كَالْعِبَارَةِ فِيمَا سَبَقَ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: إنْ قَالَ الْقَارِئُ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ: ائْذَنْ لِي أَنْ أَرْوِيَ عَنْك مَا قَرَأْته عَلَيْك. فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، أَوْ أَشَارَ بِرَأْسِهِ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَقْبُولٌ، وَقِيلَ: لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَلَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ؛ لِأَنَّ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ تُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute