{وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥] فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ، لِأَنَّ مَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا لَا يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ خَاسِرًا، فَالْمُرَادُ فِي الْآيَتَيْنِ التَّقْيِيدُ، وَلَيْسَ فِيهِمَا مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ، عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي " الْأُمِّ " عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ بِمُجَرَّدِهَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِالْمَوْتِ، عَلَى مَعْنَى ذَهَابِ الْأَجْرِ.
الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ لَا يَقُومَ دَلِيلٌ يَمْنَعُ مِنْ التَّقْيِيدِ، مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] الْآيَةَ. فَلَمْ يُقَيَّدْ بِالدُّخُولِ، وَقُيِّدَ بِهِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: ٤٩] وَلَمْ يَحْمِلُوا الْمُطْلَقَ هُنَاكَ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ، وَهُوَ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ أَوْ تَخْصِيصَ الْعَامِّ إنَّمَا يَكُونُ بِقِيَاسٍ أَوْ مُرَجِّحٍ، وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ لِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ بَاقِيَةٌ فِي حَقِّهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُغَسِّلُهُ، وَتَرِثُ مِنْهُ اتِّفَاقًا. وَلَوْ كَانَتْ فِي حُكْمِ الْمُطَلَّقَاتِ الْبَوَائِنِ لَمْ تَرِثْ، فَلَمَّا ظَهَرَ فِي الْفَرْعِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ إلْحَاقِهِ بِالْأَصْلِ امْتَنَعَ التَّقْيِيدُ بِالْقِيَاسِ أَوْ التَّخْصِيصُ بِهِ. .
[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُطْلَقُ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ]
ُ، فَفِي كَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْبَاقِي قَوْلَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْكِفَايَةِ " كَالْخِلَافِ فِي الْعَامِّ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ. قَالَ: وَتَمْهِيدُ هَذَا الْخِلَافِ يَسْتَدْعِي بَيَانَ عُمُومِ الْمُطْلَقِ، وَيَعْنِي بِهِ الِاسْمَ الْمُفْرَدَ، كَالْعَامِّ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ يَنْقَسِمُ إلَى وَاحِدٍ بِالْجِنْسِ، وَوَاحِدٍ بِالذَّاتِ، فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ تَنَاوَلَ جَمِيعَ الذَّوَاتِ، لِاشْتِمَالِ الْجِنْسِ عَلَى الْأَعْيَانِ وَالذَّوَاتِ، بِخِلَافِ الْعَامِّ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا بِالْوَضْعِ. وَأَمَّا الْوَاحِدُ بِالْجِنْسِ: فَمَعْنَاهُ حَقِيقَةٌ تُوجَدُ فِي جَمِيعِ الْأَعْيَانِ، فَيَقَعُ عُمُومُ الْأَعْيَانِ ضَرُورَةَ اشْتِمَالِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute