للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي تَعْرِيفِ الْمُخَصِّصِ] [أَقْسَامُ الْمُخَصَّص]

فَصْلٌ فِي الْمُخَصِّصِ تَعْرِيفُهُ: قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ، حَكَاهُمَا الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ "، وَابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ تَعْرِيفَ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْخِطَابُ، وَالدَّلِيلُ حَظُّهُ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ أَنَّ الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ، لِأَنَّ التَّخْصِيصَ وَقَعَ بِهِ. وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ، وَفَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيَّ وَغَيْرُهُمَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ الدَّلِيلُ عَلَى الْإِرَادَةِ. وَقَالَ فِي " الْمَحْصُولِ ": الْمُخَصِّصُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ، لِأَنَّهَا الْمُؤَثِّرَةُ، وَتُطْلَقُ عَلَى الدَّالِ عَلَى الْإِرَادَةِ مَجَازًا، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ": الْعَامُّ يَصِيرُ عِنْدَنَا خَاصًّا بِالْأَدِلَّةِ، وَيَصِيرُ خَاصًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُخَصِّصَ حَقِيقَةٌ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ يُخَصِّصُ بِالْإِرَادَةِ أُسْنِدَ التَّخْصِيصُ إلَى إرَادَتِهِ، فَجُعِلَتْ الْإِرَادَةُ مُخَصِّصَةٌ، ثُمَّ جُعِلَ مَا دَلَّ عَلَى إرَادَتِهِ وَهُوَ الدَّلِيلُ اللَّفْظِيُّ أَوْ غَيْرُهُ مُخَصِّصًا فِي الِاصْطِلَاحِ، وَالْمُرَادُ هُنَا إنَّمَا هُوَ الدَّلِيلُ، فَنَقُولُ: الْمُخَصِّصُ لِلْعَامِّ إمَّا أَنْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ فَهُوَ الْمُنْفَصِلُ، وَإِمَّا أَلَا يَسْتَقِلُّ، بَلْ يَتَعَلَّقُ مَعْنَاهُ بِاللَّفْظِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَالْمُتَّصِلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>