نِهَايَةِ الْإِعْجَازِ " وَهُوَ مُقْتَضٍ حَصْرَ الْخَبَرِ فِي الْمُبْتَدَإِ عَكْسَ الْحَصْرِ فِي الْمُبْتَدَإِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَكُونُ مَحْصُورًا فِي الثَّانِي. فَإِذَا قُلْت: الصَّدِيقُ هُوَ الْخَلِيفَةُ، وَزَيْدٌ هُوَ الْمُحَدِّثُ، أَيْ لَا يَتَكَلَّمُ فِيهَا غَيْرُهُ. وَاللَّازِمُ ثُبُوتُهُ فِي هَذِهِ الْمَفْهُومَاتِ هُوَ النَّقِيضُ لَا الْحَصْرُ، وَلَا الْخِلَافُ.
وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: قَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّ لِلْحَصْرِ أَرْبَعَةَ أَلْفَاظٍ: " إنَّمَا، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ "، نَحْوُ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . وَلَفْظُ " ذَلِكَ "، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] وَالْإِضَافَةُ، كَقَوْلِهِ: (تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ) . قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: وَاَلَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ لَفْظَةُ: " إنَّمَا ". قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ لِمَالِكٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّ لَامَ كَيْ عِنْدَهُ مِنْ حُرُوفِ الْحَصْرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَكْلِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ بِقَوْلِهِ: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] .
[مَسْأَلَةُ التَّعْلِيلِ بِالْمُنَاسَبَةِ]
قَالَ الشَّيْخُ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": الْخِلَافِيُّونَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَقُولُونَ التَّعْلِيلُ بِالْمُنَاسَبَةِ يَقْتَضِي الْحَصْرَ، لِأَنَّ قَوْلَنَا: افْعَلْ كَذَا لِكَذَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ فَلَعَلَّهُ لِكَذَا، فِي الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ. فَإِذَا قَالَ: أَعْطَيْت هَذَا لِفَقْرِهِ، لَمْ يَحْسُنْ أَنْ يَقُولَ: أَعْطَيْته لِعِلْمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute