وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ وُرُودِهَا عَلَى الْقِيَاسِ أَنَّهَا تَرِدُ عَلَى كُلِّ قِيَاسٍ، لِأَنَّ مِنْ الْأَقْيِسَةِ مَا لَا يَرِدُ عَلَيْهِ بَعْضُهَا، كَالْقِيَاسِ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، لَا يَتَّجِهُ عَلَيْهِ فَسَادُ الِاعْتِبَارِ إلَّا مِنْ ظَاهِرِيٍّ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يُنْكِرُ الْقِيَاسَ، وَاللَّفْظُ الْبَيِّنُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الِاسْتِفْسَارُ، وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ تَخَلُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَسْئِلَةِ عَلَى الْبَدَلِ عَنْ بَعْضِ الْأَقْيِسَةِ. وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْوَارِدَةَ عَلَى الْقِيَاسِ لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الطُّرُقِ. وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ التَّصْرِيفِ: إنَّ حُرُوفَ الزِّيَادَةِ هِيَ سَأَلْتُمُونِيهَا، عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْحُرُوفَ الزَّائِدَةَ عَلَى أُصُولِ مَوَادِّ الْكَلِمَةِ لَا تَزِيدُ عَلَى هَذِهِ، لَا أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ حَيْثُ وَقَعَتْ كَانَتْ زَائِدَةً، لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا وَقَعَ أُصُولًا، فَاعْرِفْهُ
وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ انْقِسَامِهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، ذَكَرَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: تَرْجِعُ إلَى اثْنَيْنِ: الْمَنْعِ، وَالْمُعَارَضَةِ، لِأَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْجَوَابُ عَنْ الْمَنْعِ وَالْمُعَارَضَةِ تَمَّ الدَّلِيلُ وَلَمْ يَبْقَ لِلْمُعْتَرِضِ مَجَالٌ.
فَإِنْ قِيلَ: الْقَوْلُ بِرُجُوعِهَا إلَى الْمَنْعِ وَالْمُعَارَضَةِ مَمْنُوعٌ، لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ مِنْ جُمْلَةِ الِاعْتِرَاضَاتِ، فَيُؤَدِّي إلَى انْقِسَامِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ، وَإِلَى أَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ نَفْسِهِ ضَرُورَةَ لُزُومِ انْدِرَاجِ الْمُعَارَضَةِ تَحْتَ الْمُعَارَضَةِ. قُلْنَا: إذَا كَانَ الْمُنْقَسِمُ إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ هُوَ مُطْلَقُ الْمُعَارَضَةِ وَمُطْلَقُ الْمَنْعِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْأَعَمَّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ.
[الْأَوَّلُ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ النَّقْضُ]
الْأَوَّلُ النَّقْضُ
وَقَدَّمْنَاهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ آخِرِ الْأَسْئِلَةِ لِكَثْرَةِ جَرَيَانِهِ فِي الْمُنَاظَرَاتِ، وَبِالْجَوَابِ عَنْهُ يَبِينُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحْكَامِ الْمُتَضَادَّةِ وَيَنْدَفِعُ تَعَارُضُهَا وَهُوَ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ وَلَوْ فِي صُورَةٍ. فَإِنْ كَانَ فِي الْمُنَاظَرَةِ اُشْتُرِطَ فِي صِحَّتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute