للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَام السَّنَة الْأَفْعَالُ]

الْقِسْمُ الثَّانِي الْأَفْعَالُ وَعَادَتُهُمْ يُقَدِّمُونَ عَلَيْهَا الْكَلَامَ عَلَى الْعِصْمَةِ؛ لِأَجْلِ أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهَا وُجُوبُ التَّأَسِّي بِأَفْعَالِهِ. [عِصْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ] وَالْكَلَامُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا أَمَّا قَبْلَ النُّبُوَّةِ، فَقَالَ الْمَازِرِيُّ: لَا تُشْتَرَطُ الْعِصْمَةُ، وَلَكِنْ لَمْ يَرِدْ فِي السَّمْعِ وُقُوعُهَا. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: الصَّوَابُ عِصْمَتُهُمْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مِنْ الْجَهْلِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَالتَّشْكِيكِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ تَعَاضَدَتْ الْأَخْبَارُ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ بِتَبْرِئَتِهِمْ عَنْ هَذِهِ النَّقِيصَةِ مُنْذُ وُلِدُوا، وَنَشْأَتِهِمْ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ عَدَمَ امْتِنَاعِهَا عَقْلًا، وَأَنَّ الرَّوَافِضَ ذَهَبُوا إلَى امْتِنَاعِهَا، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ هَضْمَهُ وَاحْتِقَارَهُ، وَهُوَ خِلَافُ الْحِكْمَةِ، وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَمِنْهُمْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ السَّمْعَ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْعِصْمَةِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَأَمَّا دَلَالَةُ الْعَقْلِ فَمَبْنِيَّةٌ عَلَى فَاسِدِ أَصْلِهِمْ فِي التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيِّ وَوُجُوبِ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ وَالْمَصْلَحَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>