وَوُجُودِهِ، يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ، لِحُصُولِ التَّمَانُعِ لَا أَنَّهُ يَكُونُ مَوْجُودًا عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ، فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي لَا تَثْبُتُ حَقِيقَتُهُ بِوَجْهٍ، فَاسِدًا وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالُوا فِي التَّفْرِقَةِ، فَإِنْ كَانَ مَأْخَذُهُمْ فِي التَّفْرِيقِ بِمُجَرَّدِ الِاصْطِلَاحِ فَهُمْ مُطَالَبُونَ بِمُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ يَقْتَضِي اخْتِلَافَ الْحُكْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِمَا.
قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ أُمُورٌ فِي تَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ بِمِثْلِهَا هُنَا.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَتَوَسَّطُوا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ فِي التَّسْمِيَةِ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يُفِيدُ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فِيمَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ، فَإِذَا لَحِقَهُ أَحَدُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ يُقَدَّرُ الْمِلْكُ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ، وَتَلَفُ الْعَيْنِ وَنُقْصَانُهَا، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الْإِمَامُ فِي التَّلْخِيصِ " نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي تَحْدِيدِ الْفَاسِدِ: هُوَ كُلُّ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ يُقْصَدُ بِهِ التَّوَصُّلُ إلَى اسْتِبَاحَةِ مَا جَعَلَ الشَّرْعُ أَصْلَهُ عَلَى التَّحْرِيمِ. ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْعَقْدَ فِي وَقْتٍ تَضِيقُ الصَّلَاةُ، فَإِنَّ الْمُتَلَفِّظَ بِالْعَقْدِ تَارِكٌ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَتَرْكُ التَّكْبِيرَةِ مُحَرَّمٌ فَهَذَا مُحَرَّمٌ تَوَصَّلَ بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ الْأَمْلَاكِ وَالْأَبْضَاعِ؛ وَأُصُولُهَا عَلَى الْحَظْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَاسِدٍ.
[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]
وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فِي مَوَاضِعَ:
أَوَّلُهَا، وَثَانِيهَا: الْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ، فَالْبَاطِلُ مِنْهُمَا مَا كَانَ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ مَقْصُودٍ كَالْمَيْتَةِ، أَوْ رَجَعَ إلَى خَلَلٍ فِي الْعَاقِدِ كَالصِّغَرِ وَالسَّفَهِ، وَالْفَاسِدُ خِلَافُهُ، وَحُكْمُ الْبَاطِلِ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَالٌ، وَالْفَاسِدُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِالْمَهْرِ وَالسَّيِّدُ بِالْقِيمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute