للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لَا تَأْتِي مَزِيدَةً وَغَيْرَ مَزِيدَةٍ]

ٍ فَالْمَزِيدَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢] {لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: ٢٩] . وَشَرَطَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ فِي زِيَادَتِهَا قَصْدَ تَأْكِيدِ مَعْنَى النَّفْيِ الَّذِي انْطَوَى عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ} [الأعراف: ١٢] بِدَلِيلِ حَذْفِهَا فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى. يَعْنِي أَنَّهَا تَوْكِيدٌ لِلنَّفْيِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي تَضَمَّنَهُ " مَنَعَك "، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: تُزَادُ فِي الْكَلَامِ الْمُوجِبِ الْمَعْنَى إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فِعْلٌ مَنْفِيٌّ فِي الْمَعْنَى. قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَيُطَالَبُ بِإِبْرَازِ مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ " لِئَلَّا يَعْلَمَ ". قَالَ: وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: اسْتَقَرَّ الْكَلَامُ أَيْضًا بِمَعْنَى النَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَصْدُ إكْرَامَ الْمُؤْمِنِ لِيَعْلَمَ الْكُفَّارُ هَوَانَهُمْ، فَهُمْ الْآنَ غَيْرُ عَالِمِينَ بِهَوَانِهِمْ، فَقَدْ تَضَمَّنَ سِيَاقُ الْخِطَابِ الْإِشْعَارَ بِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ عَنْهُمْ وَحَرْفُ " لَا " لِلنَّفْيِ. قُلْت: أَمَّا الْأُولَى فِي {لِئَلَّا يَعْلَمَ} فَزَائِدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَنَصَّ عَلَيْهَا سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ وَيَدُلُّ لَهَا قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ " لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ " وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ " لَأَنْ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ " وَهَاتَانِ الْقِرَاءَتَانِ تَفْسِيرٌ لِزِيَادَتِهَا. وَأَمَّا " لَا " الثَّانِيَةُ فِي قَوْلِهِ: {أَنْ لَا يَقْدِرُونَ} فَكَذَلِكَ زِيدَتْ تَوْكِيدًا لِلنَّفْيِ الْمَوْجُودِ بِمَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ. وَغَيْرُ الْمَزِيدَةِ إمَّا نَاهِيَةٌ فِي عَوَامِلِ الْأَفْعَالِ الْجَازِمَةِ وَإِمَّا نَافِيَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>