للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُهُ لَا هُوَ، وَلَا يَصِحُّ مَا جَاءَنِي غَيْرُ زَيْدٍ لَا عَمْرٍو، كَمَا لَمْ يَجُزْ مَا جَاءَنِي، إلَّا زَيْدٌ لَا عَمْرٌو؛ لِأَنَّ " غَيْرَ " فِيهَا مَعْنَى النَّفْيِ، وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ حَرْفُ النَّفْيِ مَعَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] .

[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي كَيْفَ]

كَيْفَ: إنْ وَقَعَ بَعْدَهَا مُفْرَدٌ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، نَحْوُ كَيْفَ زَيْدٌ؟ فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهَا جُمْلَةٌ اُخْتُلِفَ فِي إعْرَابِهَا، فَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إلَى أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِ؛ لِأَنَّهَا فِي تَقْدِيرِ الظَّرْفِ، وَلِذَلِكَ يُقَدَّرُ بِ عَلَى أَيِّ حَالٍ فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ زَيْدٌ قَائِمٌ؟ فَتَقْدِيرُهُ عِنْدَهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ زَيْدٌ قَائِمٌ؟ وَمَذْهَبُ الْأَخْفَشِ وَالسِّيرَافِيِّ وَابْنِ جِنِّي أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ بِأَنَّ الْحَالَ خَبَرٌ وَ " كَيْفَ " اسْتِفْهَامٌ، فَلَا يَصِحُّ وُقُوعُهَا خَبَرًا. قَالَ ابْنُ الصَّائِغِ: وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي الْحَالِ: أَنَّهَا خَبَرٌ قَسِيمُ الْإِنْشَاءِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ. وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ " كَيْفَ " ظَرْفٌ؛ إذْ لَيْسَتْ زَمَانًا وَلَا مَكَانًا، وَلَكِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تُفَسَّرُ بِقَوْلِك: عَلَى أَيِّ حَالٍ؟ لِكَوْنِهَا سُؤَالًا عَنْ الْأَحْوَالِ سُمِّيَتْ ظَرْفًا، وَلِأَنَّهَا فِي تَأْوِيلِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، وَاسْمُ الظَّرْفِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا مَجَازًا، ثُمَّ هِيَ لِلِاسْتِفْهَامِ أَيْ: لِلسُّؤَالِ عَنْ الْحَالِ خَاصَّةً، وَهَلْ يُلْحَظُ فِيهَا مَعْنَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ يَسْتَدْعِي وُجُودَ ذَلِكَ؟ وَلِهَذَا قِيلَ:

يَقُول خَلِيلِي كَيْفَ صَبْرُك بَعْدَنَا ... فَقُلْت وَهَلْ صَبْرٌ فَيُسْأَلُ عَنْ كَيْفَ

وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت.

أَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>