للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْدِيرِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِعْدَامًا لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ. فَصَارَ كُلٌّ مِنْ الثُّبُوتِ وَالِانْتِفَاءِ حُكْمًا شَرْعِيًّا ثَابِتًا بِاللَّفْظِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا. وَعَلَى الْأَوَّلِ يُجْعَلُ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الشَّرْطِ سَكْتًا عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ، فَصَارَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَدَمًا أَصْلًا مَبْنِيًّا عَلَى دَلِيلِ عَدَمِ الثُّبُوتِ لَا حُكْمًا شَرْعِيًّا مُسْتَفَادًا مِنْ النَّظْمِ.

قَالَ فِي الْبَدِيعِ: وَنَصَّ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْخِلَافَ عَلَى حَرْفٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ عِنْدَنَا مَانِعٌ مِنْ انْعِقَادِ السَّبَبِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مِنْ الْحُكْمِ، فَالتَّعْلِيقُ سَبَبٌ عِنْدَنَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ بِعَدَمِ الْحُكْمِ فَيُضَافُ إلَى عَدَمِ سَبَبِهِ، وَعِنْدَهُ إلَى انْتِفَاءِ شَرْطِهِ مَعَ وُجُودِ سَبَبِهِ. وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمِلْكِ قَبْلَهُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ صَحِيحٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَكَذَا تَعْجِيلُ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ مُمْتَنِعٌ، وَطَوْلُ الْحَرَّةِ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.

[الثَّانِي انْتِفَاءِ الْحُكْمِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ]

الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْمَنْزَعُ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عُدِمَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِلَّا لَكَانَ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ نَسْخًا، وَلَخَلَا مِنْ الْفَائِدَةِ. وَكَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَسْتَدِلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ عُدِمَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ، فَيَقُولُ: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنَّك طَالِقٌ، لَا تَطْلُقُ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ. فَلَوْلَا أَنَّ الشَّرْطَ يَنْفِي ثُبُوتَ الْحُكْمِ قَبْلَهُ لَوَجَبَ الْوُقُوعُ عَمَلًا بِالْمُقْتَضَى، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ. .

[الثَّالِثُ هَلْ الدَّالُّ عَلَى الِانْتِفَاءِ صِيغَةُ الشَّرْطِ أَوْ الْبَقَاءُ عَلَى الْأَصْلِ]

الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ هُوَ اللُّغَوِيُّ سَبَقَ، وَهُوَ مُغَايِرٌ لِلشَّرْعِيِّ وَالْعَقْلِيِّ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَفِي الْمُسَمَّى بِانْتِفَائِهِ وَلَا يُوجَدُ بِوُجُودِهِ، وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَلَا يَبْقَى أَثَرُهُ إلَّا فِي وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِوُجُودِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ لَا غَيْرُ. وَأَمَّا عَدَمُهُ فَإِمَّا لِعَدَمِ مُقْتَضِيهِ، أَوْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>