للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَنَّ الْمُسَمَّى بِالْمَجَازِ الْكَلَامُ لَا الْإِسْنَادُ، وَعَلَيْهِ جَرَى السَّكَّاكِيُّ فِي " الْمِفْتَاحِ " وَلِهَذَا يَقُولُ فِي جَمِيعِ الْبَابِ: إسْنَادُ حَقِيقَةٍ، وَإِسْنَادُ مَجَازٍ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا عَلَى هَذَا نَقِيسُهُ بِلَا وَاسِطَةٍ، لِاشْتِمَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ الْعَقْلُ نَفْسُهُ، قِيلَ: وَالْخِلَافُ فِي الْعِبَارَةِ لَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الَّذِي يَنْسُبُهُ إلَيْهِ الْكَلَامُ إنَّمَا يُرِيدُ بِهِ الْإِسْنَادَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَسْتَلْزِمُ الْإِسْنَادَ الَّذِي يُوصَفُ بِالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَلِاسْتِلْزَامِهِ ذَلِكَ جَازَ الْإِطْلَاقُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ إطْلَاقَهُمَا عَلَى الْإِسْنَادِ أَوْضَحُ.

[وُجُودُ الْمَجَازِ]

[وُجُودُ الْمَجَازِ] الثَّالِثَةُ: هَلْ هُوَ مَوْجُودٌ أَمْ لَا؟ وَالْجُمْهُورُ مِنْ الْبَيَانِيِّينَ عَلَى إثْبَاتِهِ وَوَافَقَهُمْ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَغَيْرُهُ، وَأَنْكَرَهُ السَّكَّاكِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، أَمَّا ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ: إنَّهُ حَقِيقَةٌ، وَإِسْنَادُ السُّرُورِ إلَى الرُّؤْيَةِ لَيْسَ بِمَجَازٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ إسْنَادُهُ إلَيْهَا بِحُكْمِ الْعَادَةِ، وَإِسْنَادُ الْفِعْلِ إلَى مَا هُوَ لَهُ عَادَةً حَقِيقَةٌ، وَالْمَجَازُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُفْرَدِ أَيْ فِي الْفِعْلِ. وَأَمَّا السَّكَّاكِيُّ فَقَالَ: إنَّهُ رَاجِعٌ إلَى اسْتِعَارَةٍ بِالْكِنَايَةِ، فَقَوْلُهُمْ: أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ، اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ، عَنْ الْفَاعِلِ الْحَقِيقِيِّ بِوَاسِطَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّشْبِيهِ عَلَى قَاعِدَةِ الِاسْتِعَارَةِ، وَنِسْبَةُ الْإِنْبَاتِ إلَيْهِ قَرِينَةُ الِاسْتِعَارَةِ، وَهَكَذَا يَصْنَعُ فِي بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>