للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخَرَ غَيْرِ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: وَكَانَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يَرَى الْخَبَرَ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا، مَعَ تَرَدُّدِ الشَّيْخِ، وَلَكِنْ كَانَ يَرَى إذَا قَطَعَ الشَّيْخُ بِالرَّدِّ أَنَّ ذَاكَ يَمْنَعُ قَبُولُ رِوَايَتِهِ. قَالَ إلْكِيَا: وَمَنْ لَمْ يَسْلُكْ الطَّرِيقَ الَّذِي سَلَكْنَاهُ لَا يَعْدَمُ مِنْ التَّعَرُّضِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ كَلَامًا مُخَيِّلًا، فَإِنَّ قَطْعَ النَّافِي قَدْ لَا يُعَارِضُ قَطْعَ الْمُثْبِتِ، فَمِنْ الْمُمْكِنِ أَنَّهُ رَوَاهُ، ثُمَّ نَسِيَ، وَظَهَرَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ.

تَنْبِيهَاتٌ. الْأَوَّلُ: يَجُوزُ لِلرَّاوِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ الْأَصْلِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. الثَّانِي: هَذَا كُلُّهُ فِي أَنَّ الْغَيْرَ: هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَهُ؛ لِأَنَّهُ الطَّرِيقُ لَهُ؟ وَقَدْ تَمَسَّك الشَّافِعِيُّ بِرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ، مَعَ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ: لَا أَدْرِي.

[الشَّيْخُ نَفْسُهُ إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَ رِوَايَتَهُ وَيَرْوِيَهُ]

أَمَّا الشَّيْخُ نَفْسُهُ إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ، هَلْ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَ رِوَايَتَهُ وَيَرْوِيَهُ؟ كَمَا يَقُولُ سُهَيْلٌ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي. قَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ فِي كِتَابِ " نَقْضِ مُفْرَدَاتِ أَحْمَدَ ": هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تُتْبَعُ رِوَايَتُهُ تَشَوُّفًا إلَى الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَحَكَى بَعْضُ شُرَّاحِ " اللُّمَعِ " مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَنَّ صَاحِبَ " الْأَمْثَالِ " حَكَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَهُ إلَّا الَّذِي نَسِيَهُ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ فِي حَقِّهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ الرَّاوِي عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ لَهُ وَتَابِعٌ لَهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الْفَرْعُ أَصْلًا، وَالتَّابِعُ مَتْبُوعًا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ. قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " الْمُلَخَّصِ ": صَنَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ جُزْءًا فِيمَنْ رَوَى عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ، يَعْنِي بَعْدَ نِسْيَانِهِ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>