للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشَارَ إلَيْهَا هِيَ النُّسْخَةُ الَّتِي سَمِعَهَا بِعَيْنِهَا، أَوْ عَلِمَ مُوَافَقَتَهَا لَهَا بِالْمُقَابَلَةِ الْمُتْقَنَةِ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ لَهُ. فَعَلَى هَذَا إذَا سَمِعَ الشَّيْخُ نُسْخَةً مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ مَثَلًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْهُ إلَّا بِشَرْطِهِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ النُّسَخَ تَتَفَاوَتُ. فَعَلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْوِيَ إلَّا مَا يَقْطَعُ بِسَمَاعِهِ، وَحِفْظِهِ وَضَبْطِهِ، إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ بِحَيْثُ يَقْطَعُ أَنَّ مَا أَدَّاهُ هُوَ مَعْنَى مَا سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ، فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرِّوَايَةُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَفِيهِ خِلَافٌ. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْمُنَاوَلَةُ حَقِيقَةٌ فِيمَا يُعْطَى بِالْيَدِ، وَهِيَ صِيغَةٌ اسْتَعْمَلَهَا الْمُحَدِّثُونَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الرِّوَايَةِ، وَجَعَلُوا الْمُنَاوَلَةَ الْإِشَارَةَ وَالْإِخْبَارَ. فَإِذَا وُجِدَ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ الْمُسَوِّغُ لِلرِّوَايَةِ، وَإِنْ حَصَلَتْ الْمُنَاوَلَةُ وَحْدَهَا فَلَا عِبْرَةَ بِهَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ مُنَاوَلَةً مِنْ غَيْرِ الْإِعْطَاءِ، فَفِي جَوَازِهِ نَظَرٌ. الثَّانِيَةُ: نَازَعَ الْعَبْدَرِيّ فِي إفْرَادِ الْمُنَاوَلَةِ، وَقَالَ: لَا مَعْنَى لَهَا حَتَّى يَقُولَ: أَجَزْت لَك أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي، وَحِينَئِذٍ فَهِيَ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الْإِجَازَةِ، وَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى طَرِيقِ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ إنْكَارِ مَزِيدِ التَّأْكِيدِ فِيهَا.

[حُكْمُ الْعَمَلِ بِالْإِجَازَةِ]

[حُكْمُ الْعَمَلِ بِالْإِجَازَةِ] الرَّابِعَةُ: الْإِجَازَةُ: بِأَنْ يَقُولَ: أَجَزْت لَك أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ، أَوْ هَذَا الْكِتَابَ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْعَمَلِ بِهَا وَالرِّوَايَةِ، أَمَّا الْعَمَلُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْعَمَلِ بِأَحَادِيثِ الْإِجَازَةِ، وَقِيلَ: كَالْمُرْسَلِ، حَكَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>