[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ التَّأْوِيلِ]
وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِوَضْعِ اللُّغَةِ أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ عَادَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ. وَكُلُّ تَأْوِيلٍ خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَبَاطِلٌ. وَقَدْ فَتَحَ الشَّافِعِيُّ الْبَابَ فِي التَّأْوِيلِ فَقَالَ: الْكَلَامُ قَدْ يُحْمَلُ فِي غَيْرِ مَقْصُودِهِ. وَيُفْصَلُ فِي مَقْصُودِهِ. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْآرَاءُ فِي التَّأْوِيلِ، وَمَدَارُهُمْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، فَيُضَعَّفُ التَّأْوِيلُ لِقُوَّةِ ظُهُورِ اللَّفْظِ، أَوْ لِضَعْفِ دَلِيلِهِ أَوْ لَهُمَا. وَمِنْ الثَّانِي مَنْعُ عُمُومِ قَوْلِهِ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِنَضْحٍ أَوْ دَالِيَةٍ نِصْفُهُ» حَتَّى لَا يَتَمَسَّكَ بِهِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْخَضْرَاوَاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْفَصْلُ بَيْنَ وَاجِبِ الْعُشْرِ وَنِصْفِهِ، وَكَاسْتِدْلَالِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] وَالْحَنَفِيَّةُ قَالُوا هَذَا مُفَصَّلٌ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ، مُجْمَلٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَفِي زَكَاةِ الْحُلِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: ٣٤] وَالْحَنَفِيَّةُ قَالُوا: هَذَا مُفَصَّلٌ فِي تَحْرِيمِ الْكَنْزِ، مُجْمَلٌ فِي غَيْرِهِ.
وَمِنْ الْأَوَّلِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِجْمَارَ فِي قَوْلِهِ: «مَنْ اسْتَجْمَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute