[النَّوْعُ الثَّامِنُ مَفْهُومُ الْمَكَانِ]
ِ، نَحْوُ: جَلَسْت أَمَامَ زَيْدٍ، مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْلِسْ عَنْ شِمَالِهِ، وَنَحْوُ: اضْرِبْ زَيْدًا فِي الدَّارِ، قَالَ تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨] . وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا، كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي " الْمَنْخُولِ ". وَلَوْ قَالَ: بِعْ فِي مَكَانِ كَذَا، تَعَيَّنَ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَهُنَا بَحْثٌ نَفِيسٌ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ أَنْ يَكُونَا فِي الظَّرْفِ أَمْ لَا؟ مُقْتَضَى كَلَامِ النُّحَاةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ. وَقَدْ فَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: إنْ قَذَفْت زَيْدًا فِي الْمَسْجِدِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ فِي الْمَسْجِدِ. وَلَوْ قَالَ إنْ قَذَفْت زَيْدًا فِي الْمَسْجِدِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْقَاذِفِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُشَخِّصَاتِ الْحِسِّيَّةِ، فَيُشْتَرَطُ وُجُودُهَا كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْفَاعِلِ فِي الظَّرْفِ كَالثَّانِيَةِ.
وَيَنْشَأُ عَنْ هَذَا الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي حَدِيثِ: «صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ» فَهُمْ يَقُولُونَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ، وَسُهَيْلٌ خَارِجَهُ. قُلْنَا: هَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ الْحِسِّيَّاتِ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِعِ فَلَيْسَ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ فُرْجَةٌ حَتَّى يَرَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِثْلُهُ: «الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ» ، هَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute