الْحَقِيقَةِ إلَّا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ. قَالَ: وَاخْتَلَفَ الْمُجَوِّزُونَ لِنَسْخِ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ، فَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَلَهُ أَنْ يَنْهَى عَنْ نَفْسِ مَا أُمِرَ بِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ. وَقِيلَ: إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطٍ أَنْ يَنْهَى عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِإِيقَاعِهِ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ الْمُغَايَرَةِ عَلَى طُرُقٍ: إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْفِعْلِ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْأَمْرِ، فَإِذَا نُهِيَ عَنْهُ قَبْلَ وَقْتِهِ زَالَ الْأَمْرُ بِهِ، فَصَارَ لِذَلِكَ مَأْمُورًا بِهِ عَلَى وَجْهٍ، وَمَنْهِيًّا عَنْ إيقَاعِهِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْأَمْرُ. وَقِيلَ: إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْفِعْلِ فِي الْوَقْتِ مَعَ انْتِفَاءِ النَّهْيِ عَنْهُ بَدَلَ الْأَوَّلِ مَعَ بَقَاءِ الْأَمْرِ. وَقِيلَ: إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْفِعْلِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْهُ. وَقِيلَ: بِشَرْطِ أَنْ يَخْتَارَهُ الْمُكَلَّفُ وَيَعْزِمَ عَلَيْهِ، فَإِذَا نَهَى عَنْهُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُهُ، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي: وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْقَوْلِ بِالْحَاجَةِ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَحَاصِلُ الْخِلَافِ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ هَلْ هُوَ ثَابِتٌ مَوْجُودٌ بِالْفِعْلِ فَيَصِحُّ نَسْخُهُ، أَوْ غَيْرُ ثَابِتٍ فَلَا يَصِحُّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ؟ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ فَائِدَةَ الْأَمْرِ عَلَى تَقْدِيرِ تَجْوِيزِ النَّسْخِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لِلَّهِ يَكُونُ عَلَى مَحْضِ الِابْتِلَاءِ، وَيَتَحَقَّقُ الِابْتِلَاءُ فِي التَّكْلِيفِ بِاعْتِقَادِ الْوُجُوبِ. .
[الْقِسْمُ الرَّابِعُ أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الْمَأْمُورِ بِهِ لَكِنْ يُنْسَخُ قَبْلَ فِعْلِهِ]
ِ، إمَّا لِكَوْنِهِ مُوَسِّعًا، وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَشْرَعَ فَيَنْسَخَ. فَقَالَ سُلَيْمٌ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعِدَّةِ ": إنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي جَوَازِهِ، وَجَعَلَا الْخِلَافَ فِيمَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " وَالْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute