للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثَّالِثَةُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْقِيَاسِ]

الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْقِيَاسِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. وَقَالَ ابْنُ دَاوُد فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ ": إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ يُصَرِّحُ بِالْجَوَازِ. وَحَكَى الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ آخِرًا. وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَسُلَيْمٌ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ طَرِيقِ الْعُمُومِ لَا الْقِيَاسِ، وَبِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ فِي جَوَازِ الْقِيَاسِ فِي اللُّغَةِ. وَبِهَذَا كُلِّهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ لَيْسَ بِصَحِيحٍ.

وَكَذَلِكَ حَكَوْا الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَإِنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ " حَكَاهُ هَكَذَا عَنْ الْأَشْعَرِيِّ، وَحَكَى الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ الْأَشْعَرِيِّ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

قَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ: لَا يُتَصَوَّرُ التَّخْصِيصُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيَّةِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مَوْضُوعٍ لِلْعُمُومِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُشْتَرَكٌ كَمَا تَقَرَّرَ، فَإِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَكُنْ تَخْصِيصًا وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ مَا أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ انْتَهَى.

وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ الْقَائِلِينَ بِإِنْكَارِ الصِّيَغِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي الْمَحْصُولِ وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ عَلَى تَرْجِيحِهِ حَيْثُ قَالَ: لَنَا أَنَّ الْعُمُومَ وَالْقِيَاسَ. إلَخْ، لَكِنَّهُ اخْتَارَ فِي الْمَعَالِمِ " الْمَنْعَ، وَأَطْنَبَ فِي نُصْرَتِهِ، وَهَذَا الْكِتَابُ مَوْضِعٌ لِاخْتِيَارَاتِهِ، بِخِلَافِ الْمَحْصُولِ " فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِنَقْلِ الْمَذَاهِبِ وَتَحْرِيرِ الْأَدِلَّةِ، ثُمَّ إنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمَحْصُولِ " فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>