للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِيمَا سَيَأْتِي فِي السَّادِسِ.

وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ وَابْنُهُ أَبُو هَاشِمٍ ثُمَّ رَجَعَ ابْنُهُ وَوَافَقَ الْجُمْهُورَ. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسُلَيْمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِنَّمَا هِيَ رِوَايَةٌ عَنْهُ، قَالَ بِهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ ": مِنْهُمْ ابْنُ مُجَاهِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَنَقَلَهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَيْضًا، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي اللُّمَعِ " عَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْأَشْعَرِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ " وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: زَعَمُوا أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّمَا الْقِيَاسُ الْجَائِزُ أَنْ يُشَبَّهَ مَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ حَدِيثٌ بِحَدِيثٍ لَازِمٍ، فَأَمَّا أَنْ يُعْمَدَ إلَى حَدِيثٍ عَامٍّ فَيُحْمَلُ عَلَى الْقِيَاسِ، فَأَيْنَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ إنْ كَانَ الْحَدِيثُ قِيَاسًا فَأَيْنَ الْمُسَمَّى؟

قَالَ: فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَعْمَلُ فِي الْحَدِيثِ الْعَامِّ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ فِي أَنَّهُ يُبْتَدَأُ بِهِ الْحُكْمُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ فِيهِ حَدِيثٌ، أَوْ قِيَاسٌ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ حَدِيثٌ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ مَنْعُ التَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ.

وَرَدَّهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَقَالَ: قَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ " قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَاحْتَمَلَ أَمْرُهُ تَعَالَى فِي الْإِشْهَادِ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى النَّدْبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وَقَالَ الشَّافِعِيُّ. لَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>