[فَصْلٌ فِي الْحَقِيقَةِ]
ِ] الْحَقِيقَةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ عَنْ وَاضِعِ اللُّغَةِ كَالنُّصُوصِ فِي بَابِ الشَّرْعِ. حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " عَنْ أَبِي زَيْدٍ الدَّبُوسِيِّ وَلَمْ يُخَالِفْهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَطْرُقُهُ الْخِلَافُ فِي الْمَجَازِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَمَّا الْمَجَازُ فَيُعْرَفُ إمَّا بِالنَّصِّ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الِاسْتِدْلَالِ، وَالنَّصُّ بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا حَقِيقَةٌ وَهَذَا مَجَازٌ، وَيَنْقُلُ ذَلِكَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَارِضِ فِي " نُكَتِهِ ": وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا نَصَّ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ قَالُوهُ نَقْلًا عَنْ الْعَرَبِ فَهُوَ حُجَّةٌ، أَوْ إجْمَاعٌ بِإِجْمَاعِهِمْ كَذَلِكَ. اهـ.
وَقَدْ تَصَدَّى لِذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " بِأَسَاسِ الْبَلَاغَةِ ": وَقِيلَ: يُعْرَفُ بِالضَّرُورَةِ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ: بِأَنْ يُصَرِّحَ أَهْلُ اللُّغَةِ بِاسْمِهِ، بِأَنْ يَقُولُونَ: هَذَا اللَّفْظُ مَجَازٌ فِي الْمَعْنَى الْفُلَانِيِّ، أَوْ بِحَدِّهِ بِأَنْ يَقُولُونَ: هُوَ مَوْضُوعٌ فِيهِ بِوَضْعٍ ثَانٍ، أَوْ بِخَاصَّتِهِ كَمَا يُقَالُ: اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْعَلَاقَةِ، وَهَذَا قَالَهُ فِي " الْمَحْصُولِ ". وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الثَّالِثِ إلَى الْقِسْمِ النَّظَرِيِّ الْمَذْكُورِ آنِفًا. وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِالْعَلَامَاتِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا الْقِسْمَ الْعَبْدَرِيُّ وَابْنُ الْحَاجِّ فِي كَلَامِهِمَا عَلَى " الْمُسْتَصْفَى ": وَقَالَا: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَجَازِ إلَّا بِالنَّقْلِ وَالتَّصَفُّحِ لِلِسَانِ الْعَرَبِ. اهـ. وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ.
فَمِنْ خَوَاصِّ الْحَقِيقَةِ وَهِيَ أَقْوَاهَا: تَبَادُرُ الذِّهْنِ إلَى فَهْمِ الْمَعْنَى بِغَيْرِ قَرِينَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute