الثَّانِيَةُ: قَبْلَ طَلَبِ نُصُوصٍ لَا يَعْرِفُهَا مَعَ رَجَاءِ الْوُجُودِ أَوْ طَلَبِهَا فَطَرِيقُهُ يَقْتَضِي جَوَازَهُ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: لَا يَجُوزُ، وَلِهَذَا جَعَلُوا الْقِيَاسَ ضَرُورَاتٍ بِمَنْزِلَةِ التَّيَمُّمِ، لَا يَعْدِلُ إلَيْهِ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْمَاءِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَحْمَدَ: وَمَا تَصْنَعُ بِالْقِيَاسِ وَفِي الْحَدِيثِ مَا يُغْنِيك عَنْهُ؟ ، وَلَهَا شَبَهٌ بِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ وُجُودَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ إذَا خَافَ الْفَوْتَ عَلَى حُكْمِ الْحَادِثَةِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَيْأَسُ مِنْ النَّصِّ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُهُ، فَهَاهُنَا يَجُوزُ قَطْعًا، وَقَدْ سَبَقَ قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ وَالنَّاسِخِ، وَأَنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَلَمْ يَجِدْ الْمُعَارِضَ عَمِلَ بِهِ، وَيَزِيدُ هُنَا أَنَّهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَقِيسَ عَلَيْهِ؟ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: لَا لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِثُبُوتِهِ، وَخَالَفَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " وَهُوَ الْأَظْهَرُ، كَمَا يَجِبُ أَنْ يَقْضِيَ بِظَاهِرِهِ وَهُوَ فَرْعٌ غَرِيبٌ.
[مَسْأَلَة الْمُرْسَلُ وَالضَّعِيفُ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ]
حَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْخَبَرَ الْمُرْسَلَ وَالضَّعِيفَ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ، وَلَا يَحِلُّ الْقِيَاسُ مَعَ وُجُودِهِ، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ عَنْ الصَّاحِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ مَعَ نَصِّ الْقُرْآنِ أَوْ خَبَرٍ مُسْنَدٍ صَحِيحٍ، وَأَمَّا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute