[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَرَاتِبِ الصِّيَغِ]
زَعَمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ أَنَّ أَعْلَاهَا أَسْمَاءُ الشَّرْطِ، وَالنَّكِرَةُ فِي النَّفْيِ، وَادَّعَى الْقَطْعَ بِوَضْعِ ذَلِكَ الْعُمُومِ، وَأَنَّ عِلْمَهُ بِذَلِكَ تَسْمِيَةٌ خَارِجَةٌ مَخْصُوصَةٌ رَأْسًا. قَالَ: وَجَمْعُ الْكَثْرَةِ ظَاهِرٌ فِيهِ لَا نَصُّ. وَكَلَامُ الْمَحْصُولِ وَأَتْبَاعِهِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ أَعْلَاهَا أَسْمَاءُ الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ، ثُمَّ النَّكِرَةُ الْمَنْفِيَّةُ، لِدَلَاتِهَا بِالْقَرِينَةِ لَا بِالْوَضْعِ، وَعَكَسَ الْهِنْدِيُّ فِي بَابِ التَّرَاجِيحِ، فَقَدَّمَ النَّكِرَةَ الْمَنْفِيَّةَ عَلَى الْكُلِّ، فَحَصَّلَ ثَلَاثَةَ آرَاءٍ.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: أَلْفَاظُ الْجُمُوعِ أَبْيَنُ وُجُوهِ الْعُمُومِ، ثُمَّ يَلِيهَا اسْمُ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِضَافَةَ دُونَ ذَلِكَ فِي الرُّتْبَةِ.
وَعَكَسَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي تَفْسِيرِهِ، فَزَعَمَ أَنَّ الْإِضَافَةَ أَدَلُّ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَالنَّكِرَةَ الْمَنْفِيَّةَ أَدَلُّ عَلَى الْعُمُومِ مِنْهَا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَاَلَّتِي بِمِنْ أَدَلُّ مِنْ الْمُجَرَّدَةِ مِنْهَا.
وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ إنَّ مَجِيءَ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ مُعَرَّفَةً بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ أَكْثَرُ مِنْ مَجِيئِهَا مُضَافَةً.
وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ فِي التَّلْوِيحِ: أَلْفَاظُ الْعُمُومِ أَرْبَعَةٌ:
أَحَدُهَا: عَامٌّ بِصِيغَتِهِ وَمَعْنَاهُ كَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
وَالثَّانِي: عَامٌّ بِمَعْنَاهُ لَا بِصِيغَتِهِ كَالرَّهْطِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَغَيْرِهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute