كَالِاسْتِثْنَاءِ. قُلْت: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت، فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً يَقَعُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْت طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً. قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: لَا يَقَعُ شَيْءٌ. وَوَافَقَهُ الْأَصْحَابُ؛ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ وَاحِدَةٌ لِجَوَازِ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ وَتَأَخُّرِهِ.
[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَدْ يَرِدُ الْكَلَامُ عَرِيًّا عَنْ الشَّرْطِ مَعَ كَوْنِهِ مُرَادًا فِيهِ]
[الْمَسْأَلَةُ] السَّابِعَةُ: قَدْ يَرِدُ الْكَلَامُ عَرِيًّا عَنْ الشَّرْطِ مَعَ كَوْنِهِ مُرَادًا فِيهِ، وَيُبَيَّنُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: ٤١] .
[الشَّرْطُ مُخَصِّصٌ لِلْأَحْوَالِ لَا لِلْأَعْيَانِ]
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّامِنَةُ: نَقَلَ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " عَنْ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى مَنْعَ كَوْنِ الشَّرْطِ يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ، وَقَالَ: الشَّرْطُ لَا يُؤَثِّرُ فِي زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَلَا يَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ. وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " فَقَالَ: لَا يَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي التَّخْصِيصِ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَقْلِيلٌ فِي الْعَدَدِ قَطْعًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ قَوْلَك: أَعْطِ الْقَوْمَ إنْ دَخَلُوا الدَّارَ لَا يُقْطَعُ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ خَارِجٌ مِنْ الْعَطِيَّةِ؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ الْكُلُّ فَيَسْتَحِقُّوا الْعَطِيَّةَ، فَإِذَنْ الشَّرْطُ غَيْرُ مُخَصِّصٍ لِلْأَشْخَاصِ وَالْأَعْيَانِ كَالِاسْتِثْنَاءِ. وَإِنَّمَا هُوَ مُخَصِّصٌ لِأَحْوَالٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَمْرَ بِالْعَطِيَّةِ لَوْ كَانَ مُطْلَقًا لَا يَسْتَحِقُّونَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. فَإِذَا شُرِطَ بِدُخُولِ الدَّارِ يُخَصَّصُ بِتِلْكَ الْحَالِ الَّتِي هِيَ دُخُولُ الدَّارِ.
قَالَ: وَذَكَرَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ أَنَّ الشَّرْطَ بِ " إنْ " يُخَصِّصُ مَا دَخَلَهُ، إلَّا أَنْ يَدْخُلَ لِلتَّأْكِيدِ فَلَا، كَقَوْلِهِ: إنْ تَطَهَّرْت فَصَلِّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّحْقِيقِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute