للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ]

ِّ] وَاخْتَلَفَ مُسْقِطُو الْعَمَلِ بِالْمُرْسَلِ فِي قَبُولِ رِوَايَةِ الصَّحَابِيِّ خَبَرًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، كَقَوْلِ أَنَسٍ: ذُكِرَ لِي أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُعَاذٍ: مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» الْحَدِيثَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُقْبَلُ مَرَاسِيلُ الصَّحَابِيِّ لَا لِلشَّكِّ فِي عَدَالَتِهِ، وَلَكِنْ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْوِي الرَّاوِي عَنْ تَابِعِيٍّ، وَعَنْ أَعْرَابِيٍّ لَا يَعْرِفُ صُحْبَتَهُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَرْوِي لَكُمْ إلَّا مِنْ سَمَاعِي أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ، وَجَبَ عَلَيْنَا قَبُولُ مُرْسَلِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ مَقْبُولَةٌ لِكَوْنِ جَمِيعِهِمْ عُدُولًا، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيمَا أَرْسَلُوهُ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا مَا رَوَوْهُ عَنْ التَّابِعِينَ، فَقَدْ بَيَّنُوهُ، وَهُوَ أَيْضًا قَلِيلٌ نَادِرٌ، لَا اعْتِبَارَ بِهِ. قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ. قَالَ: وَمَنْ قَبِلَ الْمُرْسَلَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ مَا أَرْسَلَهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ الصَّحَابِيِّ، وَإِنَّمَا يُرَدُّ مَنْ بَعْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي دَرَجَتِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ بِمَرَاسِيلِ كِبَارِ التَّابِعِينَ دُونَ مَنْ قَصُرَ عَنْهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُ مَرَاسِيلَ جَمِيعِ التَّابِعِينَ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْعَدَالَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُ مَرَاسِيلَ مَنْ عُرِفَ فِيهِ النَّظَرُ فِي أَحْوَالِ شُيُوخِهِ وَالتَّحَرِّي فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ، دُونَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ ذَلِكَ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ سُقُوطُ فَرْضِ اللَّهِ بِالْمُرْسَلِ؛ لِجَهَالَةِ رُوَاتِهِ، وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ الْخَبَرِ إلَّا مِمَّنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُرْسِلُ: حَدَّثَنِي الْعَدْلُ الثِّقَةُ عِنْدِي بِكَذَا، لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَذْكُرُوا اسْمَهُ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>