للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهِنْدِيُّ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ فِي مَاهِيَّةِ الْمُنَاسَبَةِ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُ، وَهُوَ اقْتِرَانُ الْحُكْمِ لِلْوَصْفِ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الْمُنَاسَبَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ: الْمُنَاسَبَةُ مَعَ الِاقْتِرَانِ دَلِيلُ الْعِلِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الِاقْتِرَانُ دَاخِلًا فِي الْمَاهِيَّةِ لَمَا صَحَّ هَذَا. وَأَيْضًا فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ، لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالظَّاهِرَةِ الْمُنْضَبِطَةِ جَائِزٌ، عَلَى مَا اخْتَارَهُ قَائِلُ هَذَا الْحَدِّ، وَالْوَصْفِيَّةَ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فِيهَا مَعَ تَحَقُّقِ الْمُنَاسَبَةِ. وَقَدْ احْتَجَّ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى إفَادَتِهَا الْعِلِّيَّةَ بِتَمَسُّكِ الصَّحَابَةِ بِهَا، فَإِنَّهُمْ يُلْحِقُونَ غَيْرَ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُ يُضَاهِيه لِمَعْنًى أَوْ يُشْبِهُهُ. وَرَدَّهُ فِي الرِّسَالَةِ الْبَهَائِيَّةِ " بِأَنَّهُ مَا نُقِلَ إلَيْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَمَسَّكُونَ بِكُلِّ ظَنٍّ غَالِبٍ، فَلَا يَبْعُدُ التَّعَبُّدُ مِنْ نَوْعِ الظَّنِّ الْغَالِبِ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ذَلِكَ النَّوْعَ. ثُمَّ قَالَ: الْأَوْلَى الِاعْتِمَادُ عَلَى الْعُمُومَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْقِيَاسِ. وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَى اعْتِبَارِ الْفُقَهَاءِ " الْمُنَاسَبَةَ " فِي الْأَحْكَامِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَعْلِيلَ أَحْكَامِ اللَّهِ بِالْغَرَضِ، كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَقَدْ سَبَقَ تَحْرِيرُ هَذَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعِلَلِ. وَالْحَقُّ أَنَّ اسْتِقْرَاءَ أَحْكَامِ الشَّرْعِ دَلَّ عَلَى ضَبْطِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِالْمَصَالِحِ، وَهَذَا كَافٍ فِيمَا نَرُومُهُ، وَذَلِكَ بِفَضْلِ اللَّهِ (جَلَّ اسْمُهُ) لَا وُجُوبًا، خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي وُجُوبِ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ " التَّعَبُّدِ " لِنُدْرَتِهِ فِي الْأَحْكَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى " مَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ ". وَالْأَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ إلْحَاقُ الْفَرْدِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِالتَّعَبُّدِ فِيمَا لَا تَظْهَرُ فِيهِ مُنَاسَبَةٌ إلَّا عِنْدَ مَنْ يُعَلِّلُ بِالْوَصْفِ الشَّبَهِيِّ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ بِنَفْسِهِ وَلَا مَعْلُومٌ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْمُنَاسِبِ، وَلَا يُصَارُ إلَى التَّعَبُّدِ مَعَهُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ.

[تَقْسِيمُ الْمُنَاسِبِ]

[أَقْسَامُ الْمُنَاسِبِ مِنْ حَيْثُ الْيَقِينِ وَالظَّنِّ]

ثُمَّ النَّظَرُ فِي (الْمُنَاسِبِ) فِي مَوَاضِعَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>