[فَصْلٌ فِي الْوَاجِبِ]
الْوُجُوبُ لُغَةً: اللُّزُومُ، وَمِنْهُ وَجَبَ الْبَيْعُ إذَا لَزِمَ، وَالسُّقُوطُ، وَمِنْهُ {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: ٣٦] وَالثُّبُوتُ وَمِنْهُ «اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُك مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك» . وَفِي الِاصْطِلَاحِ: لَنَا إيجَابٌ وَوُجُوبُ وَاجِبٍ. فَالْإِيجَابُ: الطَّلَبُ الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ وَلَيْسَ لِلْعَقْلِ مِنْهُ صِفَةٌ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لَيْسَ لِمُتَعَلَّقِهِ مِنْهُ صِفَةٌ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَعْدُومِ. وَالْوُجُوبُ: تَعَلُّقُهُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ. فَالْوَاجِبُ: نَفْسُ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ هَاهُنَا بِالتَّحْدِيدِ. وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ حُدُودًا فَقَالَتْ الْقُدَمَاءُ: مَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ. وَاعْتُرِضَ بِجَوَازِ الْعَفْوِ، وَأُجِيبُ: إنَّمَا يَرِدُ لَوْ أُرِيدَ إيجَابُ الْعِقَابِ، وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ أَنَّهُ أَمَارَةٌ أَوْ سَبَبٌ لِلْعِقَابِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِمَانِعٍ، وَهُوَ الْعَفْوُ. وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَذَرَ بِأَنَّ الْخُلْفَ فِي الْوَعِيدِ كَرَمٌ وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَحِيلُ الْخُلْفُ فِيهِ لِذَاتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute