للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيّ: مَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ إضَافَةَ الْحُكْمِ إلَى الشَّرْطِ هَلْ تَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ مُؤَثِّرًا كَالْعِلَّةِ؟ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى كَوْنِهِ أَمَارَةً عَلَى جَوَازِ الْفِعْلِ، وَالْعِلَّةُ وُضِعَتْ مُؤَثِّرَةً جَالِبَةً، وَالْخَصْمُ يَقُولُ: مَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَنَاطًا لِلْحُكْمِ. هَذَا كُلُّهُ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَمَّا فِي تَصَرُّفِ الْمُكَلَّفِينَ فَلَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا لِمُجَرَّدِهِ، وَإِنْ كَانَ عِلَّةً فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعْتَقْت غَانِمًا لِسَوَادِهِ، وَلَهُ عَبِيدٌ آخَرُونَ سُودٌ لَمْ يُعْتَقُوا قَطْعًا، وَالشَّرْطُ أَوْلَى كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا دَخَلَتْ مَرَّةً وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، ثُمَّ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَكَرُّرِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ إلَّا فِي " كُلَّمَا "، وَمِنْهُ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ الْأُصُولِيُّ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا تَكَرَّرَ لَفْظُ الْأَمْرِ]

مَسْأَلَةٌ أَمَّا إذَا تَكَرَّرَ لَفْظُ الْأَمْرِ نَحْوُ صَلِّ ثَلَاثًا صَلِّ ثَلَاثًا، فَإِنْ قُلْنَا: فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَهَاهُنَا هُوَ تَأْكِيدٌ قَطْعًا، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ مُطْلَقَهُ لِلْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَفِي تَكَرُّرِهِ وَجْهَانِ: حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ تَأْكِيدٌ لَهُ فَلَا يَقْتَضِي مِنْ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ.

قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَنَسَبَهُ ابْنُ فُورَكٍ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ الصَّبَّاغِ لِلصَّيْرَفِيِّ، وَقَدْ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ "، فَقَالَ: مَتَى خُوطِبْنَا بِإِيجَابِ شَيْءٍ وَكُرِّرَ لَمْ يَتَكَرَّرْ الْفِعْلُ لِتَكَرُّرِ الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ: حَدِيثُ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>