للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ فَائِدَةُ الصِّفَةِ]

الْوَصْفُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَعْرِفَةٍ أَوْ نَكِرَةٍ، فَإِنْ كَانَ لِنَكِرَةٍ فَفَائِدَتُهُ التَّخْصِيصُ، نَحْوُ مَرَرْت بِرَجُلٍ فَاضِلٍ. وَمِنْهُ {آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: ٧] وَإِنْ كَانَ لِمَعْرِفَةٍ فَفَائِدَتُهُ التَّوْضِيحُ لِيَتَمَيَّزَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ، نَحْوُ زَيْدٌ الْعَالِمُ، وَمِنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَيُسَمِّيهِ الْبَيَانِيُّونَ الْمُفَارَقَةَ.

وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ تِلْمِيذُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كِتَابِ الْبُرْهَانِ "، فَقَالَ: إذَا دَخَلَتْ الصِّفَةُ عَلَى اسْمِ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ كَانَتْ لِلتَّخْصِيصِ لَا لِلتَّوْضِيحِ، لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الْكُلِّيَّةَ لَوْ أُرِيدَتْ بِاسْمِ الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ كَانَ الْوَصْفُ لَهَا نَسْخًا فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ بِهَا الْخَاصُّ ثُمَّ الصِّفَةُ تَأْتِي مُبَيِّنَةً لِمُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ الْمَاءَ الْبَارِدَ، فَشَرِبَ الْحَارَّ لَمْ يَحْنَثْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا الرَّاكِبَ فَكَلَّمَهُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، إذْ لَمْ تُفِدْ الصِّفَةُ فِيهِ تَقْيِيدًا، وَهُوَ حَسَنٌ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُخَالِفُ كَلَامَهُمْ، لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ عِنْدَهُمْ فِي الْمَعْنَى. وَظَاهِرُ تَصَرُّفِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الصِّفَةَ إذَا وَقَعَتْ لِلنَّكِرَةِ فَهِيَ لِلتَّوْضِيحِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهَا لِلتَّخْصِيصِ، وَلِهَذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ عِنْدَنَا عَلَى الضَّمَانِ وَعِنْدَهُ عَلَى الْأَمَانَةِ. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» ، هَلْ مَضْمُونَةٌ لِلتَّخْصِيصِ أَوْ لِلتَّوْضِيحِ؟ فَعِنْدَنَا لِلتَّوْضِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>