تَنْبِيهٌ [وَجْهُ وَضْعِ الْإِجْمَاعِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ] قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ صِنَاعَةِ الْأُصُولِيِّ، كَمَا لَا يَلْزَمُ تَثْبِيتُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ تَثْبِيتُ الْإِجْمَاعِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَمَّا كَانَ أَمْرًا رَاجِعًا إلَى السُّنَّةِ مَوْجُودًا فِيهَا بِالِاسْتِرْوَاحِ لَا بِالنَّصِّ، وَبِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ، احْتَاجَ إلَى تَثَبُّتِهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ تِلْكَ الْقُوَّةِ إلَى الْفِعْلِ حَتَّى يَصِيرَ أَصْلًا ثَالِثًا مِنْ الْأُصُولِ الْأُوَلِ، يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي التِّبْيَانِ وَالظُّهُورِ.
[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي أَنَّ الْإِجْمَاع حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ]
[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ] فِي أَنَّهُ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: إذَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَحَدِ أَدِلَّتِهِ، فَهَلْ يُقْطَعُ عَلَى صِحَّتِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِيَصِحَّ قِيَامُ الْحُجَّةِ. الثَّانِي: الْمَنْعُ اعْتِبَارًا بِأَهْلِهِ فِي انْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ عَنْ آحَادِهِمْ، فَكَذَا عَنْ جَمِيعِهِمْ. وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ. مِنْهُمْ الصَّيْرَفِيُّ، وَابْنُ بَرْهَانٍ، وَجَزَمَ بِهِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ الدَّبُوسِيُّ، وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَا: كَرَامَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَدِلَّةِ كُلِّهَا، وَلَا يُعَارِضُهُ دَلِيلٌ أَصْلًا، وَنَسَبَهُ إلَى الْأَكْثَرِينَ. قَالَ: بِحَيْثُ يُكَفَّرُ أَوْ يُضَلَّلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute