قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: لَوْ خَلَعَ كَيْفَ يَكُونُ أَحْوَالُ تِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ؟ قُلْنَا: كَانَتْ تُرَدُّ إذَنْ أَوْ تُزَالُ، وَأَمَّا شَرْعًا فَمَنْ ثَبَتَتْ لَهُ الْعِصْمَةُ لَا تَزُولُ عَنْهُ. قَالَ: وَلَا مُعَوَّلَ عَلَى مَا نَقَلَهُ الضُّعَفَاءُ مِنْ أَنَّ بَلْعَمَ بْنَ بَاعُورَاءَ كَانَ نَبِيًّا، فَخَلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ.
[جَوَازُ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ]
مَسْأَلَةٌ [جَوَازُ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ] أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ جَوَازَ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ، وَنَقَلَ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي تَعْلِيقِهِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ عَنْ الدَّرْكِ أَنَّ الْإِغْمَاءَ إنَّمَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ سَاعَةً وَسَاعَتَيْنِ. فَأَمَّا الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ فَلَا يَجُوزُ كَالْجُنُونِ.
[وُقُوعُ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ مِنْ النَّبِيِّ]
مَسْأَلَةٌ [وُقُوعُ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] يَمْتَنِعُ فِعْلُ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الْعِصْمَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَكْرُوهُ، لَا يَفْعَلُهُ لِيُبَيِّنَ بِهِ الْجَوَازَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ فِيهِ التَّأَسِّي؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ، فَإِذَا فَعَلَهُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِهِ، وَانْتَفَتْ الْكَرَاهَةُ، [وَقِيلَ] بَلْ [فِعْلُ الْمَكْرُوهِ] فِي حَقِّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَفْضَلُ لِأَجْلِ تَكْلِيفِهِ الْبَيَانَ. وَقَدْ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْفِعْلِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَصْحَابُنَا فِي وُضُوئِهِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ، وَنُقِلَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ حَمَلُوا وُضُوءَهُ بِسُؤْرِ الْهِرِّ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute