للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقَلْبِ: جَعْلُ الْمَعْلُولِ عِلَّةً وَالْعِلَّةِ مَعْلُولًا. وَإِذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنْ لَا عِلَّةَ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْمُوجِبَةُ، وَالْمَعْلُولُ هُوَ الْحُكْمُ الْوَاجِبُ بِهِ، كَالْفَرْعِ مَعَ الْأَصْلِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ عِلَّةً وَالْعِلَّةُ حُكْمًا. فَلَمَّا احْتَمَلَ الِانْقِلَابَ دَلَّ عَلَى بُطْلَانِ التَّعْلِيلِ، كَقَوْلِنَا فِي ظِهَارِ الذِّمِّيِّ: إنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، كَالْمُسْلِمِ، فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: الْمُسْلِمُ لَمْ يَصِحَّ ظِهَارُهُ لِأَنَّهُ صَحَّ طَلَاقُهُ، وَإِنَّمَا صَحَّ طَلَاقُهُ لِأَنَّهُ صَحَّ ظِهَارُهُ. وَمَنْ جَعَلَ الظِّهَارَ عِلَّةً لِلطَّلَاقِ لَمْ يُثْبِتْ ظِهَارَ الذِّمِّيِّ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا النَّوْعُ اُخْتُلِفَ فِيهِ: فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّهُ صَحِيحٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّلِيلِ، لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى ثُبُوتِ الْآخَرِ، فَلَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. لِلدَّوْرِ. وَقِيلَ: لَا يَمْنَعُ، لِأَنَّ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ أَمَارَاتٌ بِجَعْلِ الشَّارِعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ كُلٌّ مِنْ الْحُكْمَيْنِ أَمَارَةً لِلْآخَرِ. قَالَ الْبَاجِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ذَهَبَ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ إلَى أَنَّهُ سُؤَالٌ صَحِيحٌ يُوقِفُ الْعِلَّةَ. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَعْتَرِضُ عَلَى الْعِلَّةِ وَلَا يُوجِبُ وَقْفَهَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا أَبِي الطَّيِّبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَنَصَرَهُ فِي كِتَابِ " التَّبْصِرَةِ ". وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي " الْعُدَّةِ ": قِيلَ: لَا يُعَارِضُ الْعِلَّةَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ. وَجَوَابُ هَذَا: التَّرْجِيحُ، إنْ قُلْنَا بِهِ.

[السَّادِسُ مِنْ الِاعْتِرَاضَات الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ]

السَّادِسُ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ (بِفَتْحِ الْجِيمِ) ، أَيْ: الْقَوْلُ بِمَا أَوْجَبَهُ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ. أَيْ الْمُوجِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>