التَّنْقِيحِ: غَايَةُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ سَبْعَةٌ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: مَنْ كَانَ بِقُرْبِ مِصْرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ، إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ حُرٌّ، مُسْلِمٌ، صَحِيحٌ، مُقِيمٌ، فِي مَوْطِنٍ يَبْلُغُهُ النِّدَاءُ، فِي مَوْضِعٍ تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَهُوَ كَالْمُقِيمِ فِي مِصْرٍ (قَالَ) وَهَذَا يَتَضَمَّنُ سَبْعَةَ أَوْصَافٍ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ تَرْتِيبَهَا عَلَى مَا سَبَقَ قَالَ: وَإِنَّمَا قَدَّمَ مَا قَلَّ وَصْفُهُ عَلَى مَا كَثُرَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ فِيمَا كَثُرَ وَصْفُهُ إلَى زِيَادَةِ الِاجْتِهَادِ وَجَوَازِ الْخَطَأِ وَسَلَامَةِ مَا قَلَّ وَصْفُهُ فِي أَحَدِ مَوَاضِعِهِ عَنْهُ، لِأَنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ وَالْعُمُومِ وَالظَّاهِرِ الصَّرِيحِ وَالْمُحْتَمَلِ إذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَهُ. وَقَالَ إلْكِيَا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيلُ أَوْصَافًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا وَفِيهِ إخَالَةٌ، ثُمَّ هَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي إفْرَادَ كُلِّ وَصْفٍ بِالتَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَخِيلًا كَفَى ذَلِكَ. وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْإِجْمَاعُ وَلَا يَهْتَدِي الْعَقْلُ أَنَّ الْوَصْفَ مَخِيلُ، لَكِنْ يَجِبُ أَلَّا يَكْتَفِيَ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْإِخَالَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَصْفٌ وَاحِدٌ وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا وَصْفًا وَالْآخَرُ مَخِيلًا وَإِنَّمَا يَعْلَمُ كَوْنَهُ مَخِيلًا بِأَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِي الْحُكْمِ أَصْلًا وَلَكِنْ يُؤَثِّرُ فِي الْعِلَّةِ لِتَعْظِيمِ وَقْعِهَا، أَوْ لَا يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ فَيَكُونُ عَلَمًا مَحْضًا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُلَقَّبُ بِالشَّرْطِ وَالشَّرْطُ الْعَلَامَةُ.
[فَائِدَةٌ الْعِلَّةُ إذَا كَثُرَتْ أَوْصَافُهَا فِي الْقِيَاسِ]
تَنْبِيهٌ: قَدْ يَسْتَشْكِلُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِلزِّيَادَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ، أَوْ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّجْوِيزِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا مَوْضِعَ الْخِلَافِ وَقَدْ عَلَّلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ الرِّبَا فِي الْأَرْبَعَةِ بِكَوْنِهَا مَطْعُومَةً مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَأَضَافَ فِي الْقَدِيمِ إلَى ذَلِكَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَزَيَّفَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ إذَا اسْتَقَلَّتْ بِوَصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِمَا وَصْفٌ ثَالِثٌ، لِأَنَّ الْوَصْفَ فِي الْعِلَّةِ إنَّمَا يُذْكَرُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ كَانَ ذِكْرُهُ لَغْوًا. وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute