إثْبَاتُ الْمِثْلِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَرُدَّ بِدَعْوَى الْأَصَالَةِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ مِثْلِ الْمِثْلِ، وَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ مِثْلِ الْمِثْلِ نَفْيُ الْمِثْلِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ مِثْلٌ، إذْ الْمُمَاثَلَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ لَيْسَ شَيْءٌ كَمِثْلِهِ، فَشَيْءٌ اسْمُ لَيْسَ، وَهُوَ الْمُبْتَدَأُ وَكَمِثْلِهِ خَبَرٌ، فَالشَّيْءُ الَّذِي هُوَ الْمَوْضُوعُ قَدْ نُفِيَ عَنْهُ الْمِثْلُ الَّذِي هُوَ الْمَحْمُولُ، فَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ لَا مَنْفِيٌّ فَيَكُونُ ثَابِتًا، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الذَّاتُ الْمُقَدَّسَةُ مَنْفِيَّةً، وَإِنَّمَا الْمَنْفِيُّ مِثْلُ مِثْلِهَا، وَلَازِمُهُ نَفْيُ مِثْلِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَنْفِيٌّ عَنْهَا. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ "، قِيلَ: إنَّ الْكَافَ زَائِدَةٌ، أَوْ الْمِثْلَ زَائِدٌ قَالَ: وَنَرَى الْقَاضِي يَمِيلُ إلَى ذَلِكَ وَيَعُدُّهُ مِنْ الْمَجَازِ. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ ": قَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ كَوْنِ هَذَا مَجَازًا، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إنَّ الْكَلِمَةَ تَصِيرُ بِالزِّيَادَةِ مَجَازًا، وَقَالَ قَوْمٌ إنَّ نَفْسَ الزِّيَادَةِ تَكُونُ مَجَازًا دُونَ جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ؛ لِأَنَّ الْكَافَ هِيَ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَالْمِثْلُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ الْوَاحِدَ لَا يُفِيدُ بِنَفْسِهِ، وَمَا لَا يُفِيدُ بِنَفْسِهِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَلَا مَجَازٌ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِذَلِكَ الْكَلَامُ الْمُفِيدُ، وَالْكَافُ لَا تُفِيدُ إلَّا بِانْضِمَامِهَا إلَى الْمِثْلِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مَجَازًا. انْتَهَى. وَقَالَ الْعَبْدَرِيّ فِي " الْمُسْتَوْفَى "، وَابْنُ الْحَاجِّ فِي " تَنْكِيتِهِ " عَلَى الْمُسْتَصْفَى ": الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ بَلْ فِيهَا ضَرْبٌ مِنْ التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ، فَقَوْلُهُ - تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] فِيهِ مُبَالَغَةٌ فِي نَفْيِ مِثْلِ الْمِثْلِ كَأَنَّهُ قِيلَ: لَيْسَ مِثْلَ مِثْلِهِ شَيْءٌ، وَالْمَعْنَى لَيْسَ مِثْلَهُ، وَالزِّيَادَةُ حَقِيقِيَّةٌ.
[الْعَلَاقَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْمَجَازُ بِالنُّقْصَانِ]
ِ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} [المائدة: ٣٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute