أَيْ: أَهْلَ اللَّهِ. قَالَ الْإِمَامُ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَهُوَ مِثَالٌ سَدِيدٌ، وَقَوْلُهُ {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] فَإِنَّ الْمُرَادَ أَهْلُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ مَجَازًا، وَقَالَ: لَا نَقُولُ أُقِيمَتْ الْقَرْيَةُ مَقَامَ أَهْلِهَا، بَلْ حُذِفَ مِنْ الْخِطَابِ ذِكْرُ الْأَهْلِ لِدَلَالَةِ بَقِيَّةِ الْخِطَابِ عَلَيْهِ، وَالْإِضْمَارُ وَالْحَذْفُ لَيْسَا مِنْ الْمَجَازِ، فَإِنَّ الْمَجَازَ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ، حَكَاهُ الْإِمَامُ فِي " التَّلْخِيصِ "، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي أُصُولِهِ "، وَقَالَا: مَيْلُ الْقَاضِي إلَى أَنَّهُ يُسَمَّى مَجَازًا، قَالَ: وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَالْخِلَافُ فِيهِ سَهْلٌ، وَكَذَا قَالَ إلْكِيَا: الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ، وَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى.
وَحَاصِلُ الْخِلَافِ: أَنَّ الْمُضْمَرَ هَلْ هُوَ سَبَبُ التَّجَوُّزِ أَوْ مَحَلُّ التَّجَوُّزِ؟ وَطَرِيقَةُ الْبَيَانِيِّينَ تَقْتَضِي الثَّانِيَ. قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: وَإِنَّمَا يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ إذَا تَغَيَّرَ بِسَبَبِهِ حُكْمٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا، فَلَوْ قُلْت: زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ وَعَمْرٌو، وَحَذَفْت الْخَبَرَ لَمْ يُوصَفْ بِالْمَجَازِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَغْيِيرِ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكَلَامِ. انْتَهَى. وَالتَّمْثِيلُ بِالْآيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرْيَةِ الْأَبْنِيَةُ، وَهِيَ لَا تُسْأَلُ: وَقِيلَ إنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ الْمُجْتَمِعِينَ فِيهَا، وَقِيلَ: بَلْ الْقَرْيَةُ حَقِيقَةٌ فِي النَّاسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} [الأنبياء: ١١] {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [الحج: ٤٨] {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} [القصص: ٥٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute