للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْقَرِّ، وَهُوَ الْجَمْعُ، وَمِنْهُ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْته، وَمِنْهُ الْقِرَى، وَهِيَ الضِّيَافَةُ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا. وَقِيلَ إنَّهَا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةِ الْحَالِّ، لَا مِنْ الْحَذْفِ.

وَقِيلَ: لَا مَجَازَ أَصْلًا، وَلَا حَذْفَ بَلْ السُّؤَالُ حَقِيقِيٌّ لَهَا، وَيَكُونُ مُعْجِزَةً؛ لِأَنَّهُ فِي زَمَنِ النُّبُوَّةِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ: هُوَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ " الرِّسَالَةِ " وَنَقَلَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللِّسَانِ وَجَعَلَ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ الدَّالِّ لَفْظِهِ عَلَى بَاطِنِهِ دُونَ ظَاهِرِهِ، فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ يَحْكِي قَوْلَ إخْوَةِ يُوسُفَ لِأَبِيهِمْ {وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} [يوسف: ٨١] {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [يوسف: ٨٢] فَهَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى الْآيَاتِ قَبْلَهَا لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللِّسَانِ أَنَّهُمْ إنَّمَا يُخَاطِبُونَ أَبَاهُمْ بِمَسْأَلَةِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَأَهْلِ الْعِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ وَالْعِيرَ لَا يُنْبِئَانِ عَنْ صِدْقِهِمْ. اهـ كَلَامُهُ.

وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ جَعْلُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ الْإِفْرَادِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ الْإِفْرَادِيَّ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَجَمِيعُ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَتَيْنِ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعَ لَهُ، فَالْقَرْيَةُ فِي الْقَرْيَةِ، وَالسُّؤَالُ فِي السُّؤَالِ، وَكَذَا الْآيَةُ الْأُخْرَى، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمَحْذُوفُ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَالْمَحْذُوفُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ أَلْبَتَّةَ، وَالزَّائِدُ كَذَلِكَ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي شَيْءٍ، وَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ فِي شَيْءٍ لَا يَكُونُ حَقِيقَةً، وَلَا مَجَازًا، فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مِنْ مَجَازِ التَّرْكِيبِ لَا الْإِفْرَادِ وَاخْتَارَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ وَضَعَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>