[تَقْسِيمُ الصَّيْرَفِيِّ الْعَامَّ إلَى قِسْمَيْنِ]
الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ قَسَّمَ الْعَامَّ إلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ، فَحُكْمُهُ الْعُمُومُ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَخُصُّهُ الدَّلِيلُ، وَلَا يُتْرَكُ شَيْءٌ يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ إلَّا لَزِمَ حُكْمُهُ.
الثَّانِي: مَا لَا يَقْدِرُ الْمُخَاطَبُ أَنْ يَأْتِيَ بِعُمُومِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا وَقَفَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْضُهُ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، إذْ الْكُلُّ مَعْجُوزٌ عَنْهُ كَقَوْلِنَا: لَا تَنَامُوا، وَلَا تَأْكُلُوا، وَلَا تَشْرَبُوا، فَهَذَا مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ فِيهِ دَائِمًا، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوَقُّفِ لِلْعَجْزِ عَنْ دَوَامِ ذَلِكَ، وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْظَرُهَا، أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ الَّذِي نَهَى عَنْهُ أَبَدًا، حَتَّى يَغْلِبَ عَلَيْهِ. هَذَا كَلَامُهُ.
[الْبَحْثُ عَنْ مُخَصِّصٍ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ]
الْأَمْرُ التَّاسِعُ: أَطْلَقُوا الْخِلَافَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ؛ وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ " عُدَّةِ الْعَالِمِ " لَهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ: إنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ إنْ اقْتَضَى عَمَلًا مُؤَقَّتًا وَضَاقَ الْوَقْتُ: عَنْ طَلَبِ الْخُصُوصِ، فَهَلْ يَعْمَلُ بِهِ أَوْ يَتَوَقَّفُ؟ قَالَ: فِيهِ خِلَافٌ لِأَصْحَابِنَا. وَهَذَا فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا سَبَقَ، وَنَظِيرُهُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ هَلْ يُقَلِّدُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ؟ جَوَّزَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتَى بِهِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ وَأَوْلَى. وَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ قَوْلَ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الْقَضَاءِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمَنْ قَالَ بِهِ فَقِيَاسُهُ طَرْدُهُ فِي الْفَتْوَى.
الْأَمْرُ الْعَاشِرُ: أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا يَخْتَصُّ بِالْعُمُومِ، بَلْ يَجْرِي فِي لَفْظِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إذَا وَرَدَا مُطْلَقَيْنِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ " وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ "، وَكَذَلِكَ الْحَقِيقَةُ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute