فِي الْبَاطِنِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَبِتَرْكِ اجْتِهَادِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ، ذَكَرَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: يَعْمَلُ فِي الْبَاطِنِ بِنَقِيضِ اجْتِهَادِهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ " وَعَلَيْهِ يَتَخَرَّجُ أَنَّهُ: هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ مَا كَانَ حَرَامًا فِي نَظَرِهِ؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ هَلْ يُغَيِّرُ مَا فِي الْبَاطِنِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَلَهُمَا الْتِفَاتٌ إلَى أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ أَمْ لَا؟ .
[مَسْأَلَةٌ فِي مُجْتَهِدُ الصَّحَابَةِ]
مَسْأَلَةٌ مُجْتَهِدُ الصَّحَابَةِ إذَا لَمْ يُجْعَلْ قَوْلُهُ حُجَّةً فَفِي جَوَازِ تَقْلِيدِهِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ خِلَافٌ: ذَهَبَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يُقَلِّدُهُ، وَنَقَلَهُ عَنْ إجْمَاعِ الْمُحَقِّقِينَ، قَالُوا: وَلَيْسَ هَذَا لِأَنَّ دُونَ الْمُجْتَهِدِينَ دُونَ الصَّحَابَةِ، مَعَاذَ اللَّهِ: فَهُمْ أَعْظَمُ وَأَجَلُ قَدْرًا، بَلْ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمْ لَمْ يَثْبُتْ حَقَّ الثُّبُوتِ كَمَا ثَبَتَتْ مَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ قَدْ طَبَقُوا الْأَرْضَ، وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَنُوا بِتَهْذِيبِ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ وَلَمْ يُقَرِّرُوا لِأَنْفُسِهِمْ أُصُولًا تَفِي بِأَحْكَامِ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا، بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُمْ فَإِنَّهُمْ كَفَوْا النَّظَرَ فِي ذَلِكَ وَسَبَرُوا وَنَظَرُوا وَأَكْثَرُوا أَوْضَاعَ الْمَسَائِلِ. وَنَازَعَ الْمُقْتَرَحُ وَقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ سَبْرِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وُجُوبُ تَقْلِيدِهِمْ، لِأَنَّ مَنْ بَعْدَهُمْ جَمَعَ سَبْرًا أَكْثَرَ مِنْهُمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ عَلَى قَضِيَّةِ هَذَا. قَالَ: إنَّمَا الظَّاهِرُ فِي التَّعْلِيلِ فِي الْعَوَامّ أَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا تَقْلِيدَ الصَّحَابَةِ لَكَانَ فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ مَا لَا يُطِيقُونَ مِنْ تَعْطِيلِ مَعَاشِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلِهَذَا سَقَطَ عَنْهُمْ تَقْلِيدُ الصَّحَابَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute