يَصِلْ إلَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ إلَّا بِتَقْلِيدِ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ السَّابِعِ. وَالْعَاشِرُ - أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي دُونَ غَيْرِهِ. وَهَذَا ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ، فَإِنَّهُ نَصَّبَ الْخِلَافَ فِي حَاكِمٍ تَحْضُرُهُ الْحَادِثَةُ وَيَضِيقُ الْوَقْتُ عَنْ الِاجْتِهَادِ. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالتَّقْلِيدِ وَلَا يُفْتِيَ بِهِ إلَّا بَعْدَ اجْتِهَادِهِ، قَالَ: وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا: لَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِالتَّقْلِيدِ، كَمَا لَيْسَ لَهُ الْإِفْتَاءُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَجْتَهِدَ أَوْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ اجْتَهَدَ فِيهِ قَبْلَهُ. انْتَهَى.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْإِفْتَاءِ مَحَلُّ وِفَاقٍ. وَجَعَلَ ابْنُ كَجٍّ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ الْخِلَافَ فِي تَقْلِيدِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقَلِّدَهُ لِيُفْتِيَ غَيْرَهُ أَوْ يَحْكُمَ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَالرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ: إنْ حَضَرَ مَا يَنُوبُهُ، كَالْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ وَهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ جَازَ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ وَيَحْكُمَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُدَهُ فِي الْفَتْوَى. وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسْتَفْتِي بِسَبِيلٍ مِنْ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ. وَلَا ضَرُورَةَ إذًا وَلَا حَاجَةَ بِإِفْتَاءِ الْمُقَلِّدِ، وَلَا كَذَلِكَ الْحَاكِمُ، خُصُوصًا إذَا مَنَعَ مِنْ الِاسْتِخْلَافِ. الْحَادِيَ عَشَرَ - الْوَقْفُ. وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، فَإِنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ فِي الْعَقْلِ وُرُودُ التَّعَبُّدِ بِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِهِ. وَالْأَمْرَانِ يَسُوغَانِ فِي الْعَقْلِ وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي الشَّرْعِ وُجُوبُ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ لِلْمُجْتَهِدِ الِاجْتِهَادَ، فَهَذَا الْوَاجِبُ لَا يَزُولُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَنُوزِعَ فِي الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْمُجَوِّزَ يَقُولُ: الْوَاجِبُ إمَّا الِاجْتِهَادُ وَإِمَّا التَّقْلِيدُ، فَحَقِيقَةُ قَوْلِهِ الْوَقْفُ.
فَرْعٌ لَوْ كَانَ لِمُجْتَهِدٍ حُكُومَةٌ، فَحَكَمَ حَاكِمًا فِيهَا يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ، فَإِنَّهُ يَتَدَيَّنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute