وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْمَدَارِكِ ": عُزِيَ إلَى الشَّافِعِيِّ تَرْدِيدُ الْقَوْلِ فِي خِطَابِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ وَنَصُّهُ فِي " الرِّسَالَةِ ": الْأَظْهَرُ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَا.
قُلْت: وَقَدْ يَخْرُجُ مِنْ تَصَرُّفِ الْأَصْحَابِ فِي الْفُرُوعِ مَذْهَبٌ ثَامِنٌ: وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ فَلَيْسَ بِمُكَلَّفٍ دُونَ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا يَقُولُونَ فِي الْقِصَاصِ وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: لَا يَجِبُ حَدُّهَا عَلَى الْحَرْبِيِّ، لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ. وَحَكَى الطُّرْطُوشِيُّ فِي " الْعُمْدَةِ " أَنَّ الْوَاقِفِيَّةَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَافَقُوا عَلَى كَوْنِهِمْ مُخَاطَبِينَ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ دُخُولَهُمْ فِي الْخِطَابِ لَمْ يَكُنْ بِظَوَاهِرِهَا، وَإِنَّمَا دَخَلُوهَا بِدَلِيلٍ. اهـ وَبِهِ يَخْرُجُ مَذْهَبٌ تَاسِعٌ.
وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ ": الصَّائِرُونَ إلَى أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ لَا يَدْعُونَ ذَلِكَ عَقْلًا وُجُوبًا بَلْ يُجَوِّزُونَ فِي حُكْمِ الْعَقْلِ خُرُوجَهُمْ عَنْ التَّكْلِيفِ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ. كَيْفَ وَقَدْ أُخْرِجَ كَالْحَائِضِ عَنْ الْتِزَامِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ؟ وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ تَكْلِيفَهُمْ سَائِغٌ عَقْلًا وَتَرْكُ تَكْلِيفِهِمْ جَائِزٌ عَقْلًا غَيْرَ أَنَّ فِي أَدِلَّةِ السَّمْعِ مَا يَقْتَضِي تَكْلِيفَهُمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَارُوا إلَى مَنْعِ تَكْلِيفِهِمْ، فَاخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ صَارَ إلَى اسْتِحَالَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ عَقْلًا وَمَنَعَ إبْطَالَ أَدِلَّةِ السَّمْعِ بِهِمْ.
[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]
تَنْبِيهَاتٌ
[التَّنْبِيهُ] الْأَوَّلُ [اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]
فِي تَحْقِيقِ مَقَالَةِ أَصْحَابِنَا: قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ الْكَافِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute