للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ الْمَفْهُومِ: لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا عَنْ الشَّيْخِ إنْكَارُ الصِّيَغِ، بَلْ الَّذِي صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُنْكِرُهَا، وَلَكِنْ قَالَ فِي مُعَارَضَاتِهِ فِي أَصْحَابِ الْوَعِيدِ بِإِنْكَارِ الصِّيَغِ. قَالَ: سِرُّ مَذْهَبِهِ إلَى إنْكَارِ التَّعَلُّقِ بِالظَّوَاهِرِ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْعَمَلِ بِالظَّوَاهِرِ فِي مَظَانِّ الظُّنُونِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ حَكَى عَنْ الشَّيْخِ الْقَوْلَ بِالصِّيَغِ كَالشَّافِعِيِّ. تَنْبِيهٌ زَعَمَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي " الذَّرِيعَةِ " أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى وَضْعِ اللُّغَةِ أَنَّهُ هَلْ يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ؟ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الشَّرْعَ يَقْتَضِيهِ.

[مَسْأَلَةٌ مَدْلُولُ الصِّيغَةِ الْعَامَّةِ لَيْسَ أَمْرًا كُلِّيًّا]

، وَإِلَّا لَمَا دَلَّ عَلَى جُزْئِيَّاتِهِ، لِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ أَلْبَتَّةَ، وَلَيْسَ كُلًّا مَجْمُوعًا، وَإِلَّا لَحَصَلَ الِامْتِثَالُ بِتَرْكِ قَتْلِ مُسْلِمٍ وَاحِدٍ، إذَا قِيلَ: لَا تَقْتُلُوا الْمُسْلِمِينَ، بَلْ مَدْلُولُهَا كُلِّيَّةً، أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مُطَابَقَةً سَلْبًا أَوْ إيجَابًا عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ. مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْأَصْفَهَانِيُّ، خِلَافًا لِلسُّهْرَوَرْدِيِ وَالْقَرَافِيِّ حَيْثُ أَخْرَجَاهُ مِنْ أَقْسَامِ الدَّلَالَةِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّمَا هِيَ كُلِّيَّةٌ فِي غَيْرِ جَانِبِ النَّهْيِ وَالنَّفْيِ عِنْدَ تَأَخُّرِ " كُلٍّ " وَنَحْوِهَا عَنْ أَدَوَاتِ النَّهْيِ أَوْ النَّفْيِ، نَحْوُ مَا جَاءَ كُلُّ الرِّجَالِ، وَلَا يُعْرَفُ كُلُّ الرِّجَالِ، فَإِنَّهَا لِنَفْيِ الْمَجْمُوعِ لَا الْأَفْرَادِ. قَالَ الْقَرَافِيُّ: دَلَالَةُ الْعُمُومِ عَلَى الْفَرْدِ الْوَاحِدِ كَالْمُشْرِكِينَ عَلَى زَيْدٍ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>