التَّمْرِ، وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِنْهُ إجْزَاؤُهُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ، حَيْثُ إنَّ هَذَا فَرْعٌ بِلَا أَصْلٍ. قَالَ: وَقَدْ يَلْتَبِسُ بِهَذَا مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَلَقِّيًا مِنْ قَوْلِهِ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] ثُمَّ فَعَلَ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَكَانَ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ أَوْلَى، ثُمَّ رَوَى الْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. فَلَمْ يَعْقِلْ مِنْ حُكْمِ النَّسْخِ مَا عَقَلَ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ الظَّانِّ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ دَلَّ عَلَيْهَا. .
[مَسْأَلَةٌ فِي نَسْخِ الْمَفْهُومِ]
وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى مَفْهُومِ مُخَالَفَةٍ وَمَفْهُومِ مُوَافَقَةٍ. أَمَّا الْمُخَالَفَةُ، فَيَجُوزُ نَسْخُهُ مَعَ نَسْخِ الْأَصْلِ وَبِدُونِهِ، كَقَوْلِهِ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ، فَإِنَّهُ نُسِخَ مَفْهُومُهُ بِقَوْلِهِ: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ» ، وَبَقِيَ أَصْلُهُ وَهُوَ وُجُوبُ الْغُسْلِ مِنْ الْإِنْزَالِ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: دَلِيلُ الْخِطَابِ يَجُوزُ نَسْخُ مُوجِبِهِ، وَلَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِمُوجِبِهِ، لِأَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِهِ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute