للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّهُ رَجْعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَجَازًا عَنْ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، كَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا قَالَ بِأَنَّ الْعَتَاقَ يَقَعُ بِأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ كَقِيَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ مَقَامَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ نَصَّ عَلَى لَفْظِ الْعَتَاقِ، وَهَذَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الِاسْتِعَارَةِ مُعْتَبَرَةٌ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى مِنْ أَصْحَابِنَا فِي تَعْلِيقِهِ ": الْخِلَافُ لِلَّفْظِ إذَا جُعِلَ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِهِ، فَالْمَذْكُورُ حَقِيقَةً هُوَ الْمَنْوِيُّ الْمُكَنَّى عَنْهُ دُونَ الْمَلْفُوظِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِلشُّجَاعِ: يَا أَسَدُ، وَلِلْبَلِيدِ: يَا حِمَارُ كَانَ الْمُنَادَى هُوَ الْآدَمِيَّ دُونَ السَّبُعِ وَالْبَهِيمَةِ، وَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَعْتَقْتُك، وَنَوَى الطَّلَاقَ كَانَ الصَّادِرُ حَقِيقَةً هُوَ الطَّلَاقَ، وَكَانَتْ الْإِبَانَةُ لَيْسَتْ تَصَرُّفًا مَوْضُوعًا شَرْعًا إنَّمَا الْمَوْضُوعُ هُوَ الطَّلَاقُ، غَيْرَ أَنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيهِ لَفْظٌ آخَرُ يَقْرُبُ مِنْهُ فِي الْمَعْنَى، ثُمَّ الْمُتَصَرِّفُ هُوَ الْمُسْتَعَارُ مِنْهُ دُونَ مَا عَنْهُ الِاسْتِعَارَةُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ نِيَّةَ الطَّلَاقِ لَا بُدَّ مِنْهَا حَتَّى لَوْ قَالَ: أَبَنْتُكِ بَيْنُونَةَ النِّكَاحِ، أَوْ قَطَعْت نِكَاحَك، لَمْ يَعْمَلْ دُونَ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّ اللَّفْظَ خَرَجَ عَنْ الْإِجْمَالِ، أَعْنِي إجْمَالَ جِهَاتِ الْبَيْنُونَةِ.

[الْعَلَاقَةُ الرَّابِعَةُ التَّضَادُّ]

ُّ: وَهِيَ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ ضِدِّهِ، وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي الْمُتَقَابِلَيْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] أَطْلَقَ عَلَى الْجَزَاءِ سَيِّئَةً مَعَ أَنَّهُ عَدْلٌ لِكَوْنِهِ ضِدَّهَا، وَفِي هَذَا رَدُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>